باب: ومن سورة إبراهيم عليه السلام2
سنن الترمذى
حدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن مسروق، قال: تلت عائشة، هذه الآية {يوم تبدل الأرض غير الأرض} [إبراهيم: 48] قالت: يا رسول الله، فأين يكون الناس؟ قال: «على الصراط». «هذا حديث حسن صحيح، وروي من غير هذا الوجه عن عائشة»
كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحدِّثُ أصحابَه ويُفسِّرُ لهم بعْضَ الغَيبيَّاتِ مِن أحداثِ يَومِ القِيامةِ إيمانًا به، وللاستعدادِ لَه بالعَملِ الصَّالحِ.
وفي هذا الحديثِ تَرْوي أمُّ المؤمِنينَ عائشَةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّها سَألَتْ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن قَولِ اللهِ عزَّ وجلَّ: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ} [إبراهيم: 48]، يعني: يومَ القيامةِ، وقدِ اختَلفَ العُلَماءُ في هذا التَّبديلِ؛ هل هو تَبديلُ أوصافِها أو ذَواتِها؟ فقيلَ: تُبَدَّلُ أوصافُها؛ فتُنسَفُ جِبالُها، وتُفَجَّرُ بِحارُها، وتُجْعَلُ مُسْتويةً لا تَرى فيها عِوَجًا ولا أمْتًا، وتُبَدَّلُ السَّمَواتُ بانتِشارِ كَواكِبِها، وكُسوفِ شَمسِها، وخُسوفِ قَمرِها.
وقيلَ: يُخْلَقُ بَدَلَها أرضٌ وسَمَواتٌ أُخَرُ. والظَّاهِرُ مِن سُؤالِ عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها أنَّها فَهِمَتْ مِن التَّبديلِ تَغييرَ الذَّاتِ؛ ولهذا تَسألُ: فَأيْنَ يَكونُ النَّاسُ يَومئذٍ، أي: عِندَ تَبديلِ الأرْضِ؟ فَقال: على الصِّراطِ، وهو قولٌ يَحْتمِلُ أنْ يكونَ المرادُ به الصِّراطَ المعروفَ الَّذي هو قَنطَرةٌ على النَّارِ يَعبُرُ مِن فَوقِها النَّاسُ إلى الجنَّةِ، كما في رِوايةٍ للتِّرمذيِّ: «على جِسرِ جَهنَّمَ»، ويَحتَمِلُ أنَّه اسمٌ لمَوضِعٍ غَيرِه يَستَقِرُّ الخَلْقُ عليه وقْتَ أنْ تُبَدَّلَ الأرضُ غيْرَ الأرضِ والسَّمَواتُ.