باب
سنن الترمذى
حدثنا أبو كريب قال: حدثنا خلاد بن يزيد الجعفي قال: حدثنا زهير بن معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، أنها كانت تحمل من ماء زمزم وتخبر «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحمله»: «هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه»
لَمَّا جاء الإسلامُ هذَّبَ كلَّ ما كان موجودًا من عاداتِ الجاهليَّةِ وآدابِها؛ فما كان مِن جميلِ الصِّفاتِ والآدابِ؛ كالكَرَمِ والشَّجاعةِ أَقَرَّه ومَدَحه، وما كان مِن مَساوِئِ الأخلاقِ؛ كشُرْبِ الخمورِ وإتيانِ الفواحِشِ حَرَّمه وذَمَّه.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللهُ عنهما: "أنَّ مَرْثَدَ بنَ أَبِي مَرْثَدٍ الغَنويَّ كان يَحمِلُ الأُسارى بمَكَّةَ"، أي: يَنقُلُ الأُسارى مِن مَكَّةَ إلى المدينةِ، والأُسارى جَمْعُ أسيرٍ، وهو مَنْ يُؤخَذُ مِنَ العَدوِّ، "وكان بِمَكَّةَ بَغِيٌّ يُقالُ لها: عَناقُ"، أي: اسْمُها عَناقُ، والبَغِيُّ: المرأةُ الزَّانيةُ تَأخُذُ على زِناها أَجْرًا، "وكانتْ صديقتَهُ"، أي: صديقةَ مَرْثَدٍ قَبْلَ الإسلامِ، قال مَرْثَدٌ: "جئتُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، أَنْكِحُ عَناقَ؟"، أي: هلْ لِي أنْ أَتزوَّجَ مِن عَناقَ؟ قال مَرْثَدٌ: "فسَكَتَ عَنِّي"، أي: سَكَتَ عنهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولم يُجِبْه، "فنَزَلتْ"، أي: قَولُه تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 3].
قال مَرْثَدٌ: "فدَعاني"، أي: فطَلَبني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "فقَرَأها عليَّ"، أي: فَقَرَأ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عليه تِلْك الآيةَ، وقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "لا تَنْكِحْها"، أي: لا تتزوَّجْها.
وفي الحَديثِ: النَّهيُ عن زَواجِ البَغايا.