بيعتين في بيعة، وهو أن يقول: أبيعك هذه السلعة بمائة درهم نقدا، وبمائتي درهم نسيئة
سنن النسائي
أخبرنا عمرو بن علي، ويعقوب بن إبراهيم، ومحمد بن المثنى قالوا: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو سلمة، عن أبي هريرة قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة»
نَظَّم الإسلامُ أمورَ البَيعِ والشِّراءِ، وحرَص على كلِّ ما يَحفَظُ حُقوقَ جَميعِ النَّاسِ، وقد بيَّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنواعَ البُيوعِ المنهيِّ عنها؛ حتَّى يَجتنبَها المسلمُ
ومِن تِلك الصُّورِ ما جاء في هذا الحديثِ، وفيه يقولُ أبو هُريرةَ رضي اللهُ عنه: "نَهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن بَيعتَيْن في بيعةٍ"، أي: إنَّه نَهَى أن يَتناولَ عَقدُ البيعِ بَيعتَينِ على ألا يَتِمَّ منهما إلَّا واحدةٌ مع لُزومِ العَقدِ، سواء كان أحدُهما بنَقدٍ واحدٍ، أو بنَقدَيْن مُختلفَينِ. وفُسِّرَ ذلك على وَجهينِ؛ أحدُهما: أنْ يقولَ: بِعتُك هذا الثَّوبَ نقْدًا بِعَشرةٍ ونَسيئةً مؤجَّلًا بخَمسةَ عشرَ، فهذا منهيٌّ عنه؛ لأنَّه لا يُعلمُ الثَّمنُ الَّذي يَختارُه منهما فيَقعُ به العقدُ، وإذا جُهِلَ الثَّمنُ بطَلَ البيعُ، وقيل: علَّةُ النَّهيِ هنا عدمُ استِقرارِ الثَّمنِ ولزومُ الرِّبا عند مَن يَمنعُ بيعَ الشَّيءِ بأكثرَ من سِعرِ يَومِه لأجلِ زيادة الأَجلِ. والوَجهُ الآخَرُ: أنْ يقولَ: بِعتُك هذا العبدَ بعِشرينَ دِينارًا على أن تَبيعَني جاريتَك بِعَشرةِ دنانيرَ؛ فهذا أيضًا فاسدٌ؛ لأنَّه جعَل ثَمنَ العبدِ عِشرينَ دِينارًا وشَرَط عليه أنْ يَبيعَه جاريتَه بِعشرةِ دَنانيرَ، وذلك لا يَلزمُه، وإذا لم يَلزمْه سقَط بعضُ الثَّمنِ، وإذا سقَط بعضُه صار الباقي مَجهولًا، وقيل: علَّةُ النَّهي هنا تعليقُ البَيعِ بِشرْطٍ مُستقبَلٍ يجوزُ وقوعُه وعدمُ وقوعِه؛ فلم يَستقرَّ المِلكُ. أمَّا إذا باعه شَيئينِ بثمنٍ واحدٍ؛ كدارٍ وثوبٍ، أو عبدٍ وثوبٍ، فهذا ليس من بابِ البَيعتينِ في البيعةِ الواحدةِ، وإنَّما هي صَفقةٌ واحدةٌ جَمعتْ شَيئينِ بثَمنٍ معلومٍ
وفي الحديثِ: النهيُ عن أنواعِ البُيوعِ؛ لِمَا فيها من الجَهالاتِ والغَررِ، وغيرِ ذلك ممَّا يُثيرُ الخِلافَ بين النَّاسِ ويوقِعُ في الرِّبا