تسوية القبور إذا رفعت 1
سنن النسائي
أخبرنا سليمان بن داود، قال: أنبأنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، أن ثمامة بن شفي حدثه، قال: كنا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم، فتوفي صاحب لنا فأمر فضالة بقبره فسوي ثم قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتسويتها»
الدَّفنُ مِن تَكريمِ الإنْسانِ، والمُسلمُ يَتَّبعُ هَديَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في كُلِّ شَيءٍ، ومِن ذلكَ هَيئةُ دَفنِ الميِّتِ وهَيئةُ القَبرِ بعدَ الدَّفنِ، والصَّحابةُ رِضوانُ اللهِ عليهِم كانوا حَريصينَ كلَّ الحِرصِ عَلى اتِّباعِ هذا الهَديِ النَّبويِّ
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي التَّابِعيُّ ثُمامةُ بنُ شُفَيٍّ أنَّه كان معَ الصَّحابيِّ فَضالةَ بنِ عُبيدٍ رَضيَ اللهُ عنه في غَزوةِ «بأَرضِ الرُّومِ بِرُودِسَ» وهيَ جَزيرةٌ يونانيَّةٌ تقَعُ في شَرقِ البَحرِ المُتوسِّطِ، وتقَعُ في مُنتصَفِ المسافةِ بينَ جُزرِ اليونانِ الرئيسيَّةِ وقُبرصَ، فُتِحَتْ رُودِسُ سنةَ ثلاثٍ وخَمسينَ منَ الهجرةِ في عهدِ مُعاويةَ بنِ أبي سُفيانَ رَضيَ اللهُ عنه، فتُوفِّيَ رجُلٌ مسلِمٌ من أصْحابِهم، فأمَرَ فَضالةُ بنُ عُبيدٍ رَضيَ اللهُ عنه بدَفنِ ذلكِ الرَّجلِ، ثُمَّ بعدَ إِهالةِ التُّرابِ عليهِ، وأمَرَ أنْ يُسوَّى قَبرُه بالأرضِ ويُطمَسَ، وَلا يُجعَلَ مُرتفعًا وَلا بارزًا، ثُمَّ قالَ فَضالةُ: «سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَأمُرُ بتَسْويتِها»، أي: أنْ يُسوَّى القَبرُ بالأَرضِ فَلا يُرفَعَ رَفعًا كَثيرًا، بل يُرفعُ نَحوَ شِبرٍ ويُسطَّحُ أو يُسنَّمُ، وهو الأوْلى؛ لِيُعلَمَ أنَّه قبرٌ، فيُحفَظَ مِن أنْ يُجلَسَ عليه أو يُوطَأَ
وفي الحَديثِ: الأَمرُ بتَسْويةِ القُبورِ وعَدمِ رَفعِها عنِ الأَرضِ
وفيهِ: دَفنُ المَوتى في الحُروبِ وعَدمُ تَركِ جُثَثِهم دونَ مُواراةٍ