القسامة 2
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن هاشم، قال: حدثنا الوليد، قال: حدثنا الأوزاعي، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، وسليمان بن يسار، عن أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أن القسامة كانت في الجاهلية، فأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما كانت عليه في الجاهلية، وقضى بها بين أناس من الأنصار في قتيل ادعوه على يهود خيبر خالفهما معمر
حَرَّم الإسلامُ إراقةَ الدِّماءِ بغيرِ حقٍّ شَرعيٍّ، ووَضَع العُقوباتِ الرَّادعةَ لكلِّ مَن وَقَع في القتلِ المحرَّمِ، وحَدَّد طُرقَ إثباتِ أو نَفيِ التُّهمةِ عن المتَّهَمِين، كما حَدَّد الدِّياتِ ومَقاديرَها في كلِّ نوعٍ مِن أنواعِ الجُروحِ
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ رجُلٌ مِن أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أثبَتَه القَسامةَ وحَكَم بها على ما كانتْ عليه في الجاهليَّةِ، والقَسامةُ: هي أنْ يُقْسِمَ مِن أولياءِ الدَّمِ خَمْسُونَ نفرًا على استحقاقِهم دَمَ صاحبِهم إذا وَجدُوه قتيلًا بَيْنَ قومٍ ولم يُعرَفْ قاتلُه، فإنْ لم يكونوا خَمسين أَقسَمَ الموجودون خمسين يمينًا، ولا يكونُ فيهم صبٌّي ولا امرأةٌ ولا مجنونٌ ولا عبْدٌ، أو يُقْسِمُ بها المتَّهمونَ على نفْيِ القْتلِ عنهم؛ فإنْ حلَفَ المدَّعونَ استحقُّوا الدِّيةَ، وإنْ حَلفَ المتَّهمونَ لم تَلزمْهمُ الدِّيةُ، وقد حَكمَ بها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَيْنَ ناسٍ مِنَ الأنصارِ -وهُم أهلُ المدينةِ- في قَتيلٍ ادَّعَوْه على اليهودِ، وقدْ رُوِي في الصَّحيحينِ قصَّةُ قَتيلِ الأنصارِ، وأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال للأنصارِ: «أتَسْتحِقُّون قَتيلَكم -أو قال: صاحبَكم- بأيمانِ خَمسينَ منكم؟ قالوا: يا رسولَ اللهِ، أمرٌ لم نَرَهُ، قال: فتُبرِّئُكم يَهودُ في أيمانِ خَمسينَ منْهم؟ قالوا: يا رسولَ اللهِ، قومٌ كُفَّارٌ، فوَدَاهم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن قِبَلِه»، أي: أعْطاهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الدِّيةَ مِن عندِه ولم يَحكُمْ بها على اليهودِ؛ لأنَّ أولياءَ الدَّمِ لم يَقبَلوا بحَلِفِ مَن قُتِلَ فيهم
وفي الحديثِ: إقرارُ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لبعضِ أُمورِ الجاهليَّةِ الَّتي تَتوافَقُ مع مَقاصدِ الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ