حديث العباس بن عبد المطلب عن النبي صلى الله عليه وسلم 6
حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان النصري، أن عمر دعاه - فذكر الحديث - قال: فبينا أنا عنده إذ جاء حاجبه يرفأ، فقال: هل لك في عثمان، وعبد الرحمن، والزبير، وسعد يستأذنون، قال: نعم فأدخلهم، فلبث قليلا، ثم جاءه، فقال: هل لك في علي، وعباس يستأذنان؟ قال: نعم، فأذن لهما. فلما دخلا قال عباس: يا أمير المؤمنين، اقض بيني وبين هذا لعلي، وهما يختصمان في الصوافي التي أفاء الله على رسوله من أموال بني النضير، فقال الرهط: يا أمير المؤمنين، اقض بينهما، وأرح احدهما من الآخر. قال عمر: اتئدوا أناشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا نورث ما تركنا صدقة "؟ يريد نفسه، قالوا: قد قال ذلك، فأقبل عمر على علي، وعلى العباس، فقال: أنشدكما بالله، أتعلمان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك؟ قالا: نعم، قال: فإني أحدثكم عن هذا الأمر، أن الله عز وجل كان خص رسوله في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدا غيره، فقال: {وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم} [الحشر: 6] إلى {قدير} [الحشر: 6] ، فكانت هذه خاصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم والله ما احتازها دونكم، ولا استأثر بها عليكم لقد أعطاكموها، وبثها فيكم حتى بقي منها هذا المال، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال، ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله، فعمل بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حياته، ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبضه أبو بكر فعمل فيه بما عمل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم
قَوْلُهُ يَرْفَأُ : - بِفَتْحِ تَحْتِيَّةٍ وَسُكُونِ رَاءٍ وَفَتْحِ فَاءٍ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ - ، وَقَدْ تُقْلَبُ أَلِفًا ، وَكَانَ مَوْلًى لِعُمَرَ .
هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ . . . ؟ : أَيْ : رَغْبَةٌ فِي دُخُولِهِمْ .
فِي الصَّوَافِ : فِي "النِّهَايَةِ " : الصَّوَافِي : الْأَمْلَاكُ وَالْأَرَاضِي الَّتِي جَلَا
عَنْهَا أَهْلُهَا ، أَوْ مَاتُوا وَلَا وَارِثَ لَهَا ، وَاحِدُهَا صَافِيَةٌ ، وَعَلَى هَذَا فَالصَّوَافُ - بِتَخْفِيفِ الْفَاءِ - أَصْلُهُ الصَّوَافِي كَمَا فِي نُسْخَةٍ حُذِفَتْ يَاؤُهَا تَخْفِيفًا .
اتَّئِدُوا : - بِتَشْدِيدِ التَّاءِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ - : مِنَ التُّؤَدَةِ ، بِمَعْنَى التَّأَنِّي ; أَيْ : لَا تَسْتَعْجِلُوا .
يُرِيدُ نَفْسَهُ : أَيْ : دُونَ أُمَّتِهِ ، فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ أَرَادَ نَفْسَهُ وَالْأَنْبِيَاءَ كَمَا جَاءَ ، وَالْحَدِيثُ قَدْ سَبَقَ فِي مُسْنَدِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - .