حديث سلمة بن قيس الأشجعي 3
مستند احمد
حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، والثوري، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن سلمة بن قيس قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا توضأت فانثر، وإذا استجمرت فأوتر»
اللهُ عزَّ وجلَّ وِترٌ يُحبُّ الوِترَ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحِبُّ الوِترَ في كثيرٍ مِن شُؤونِ حَياتِه، وكذلك يَنصَحُ أصحابَه ويُخبِرُهم؛ لأنَّه يُرِيدُ الخيرَ لهم
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إنَّ اللهَ وِتْرٌ"، أي: فَردٌ واحدٌ في ذاتِه، "يُحِبُّ الوِتْرَ"، أي: يُثِيبُ عليه ويَقبَلُه مِن عامِلِه، وقد فضَّلَ اللهُ عزَّ وجلَّ الوِتْرَ في الأعمالِ وكثيرٍ مِن الطاعاتِ؛ فجعَلَ الصلاةَ خمْسًا، والطَّهارةَ ثلاثًا ثلاثًا، والطَّوافَ سبْعًا، والسَّعيَ سبْعًا، ورمْيَ الجِمارِ سبْعًا، وأيَّامَ التَّشريقِ ثلاثًا، والاستنجاءَ ثلاثًا، "فإذا استجْمَرْتَ" والاستِجمارُ هو التمسُّحِ بالجِمارِ وهي الأحجارُ الصِّغارِ، أي: إذا أردْتَ أنْ تَمسَحَ وتُنظِّفَ قُبُلَك أو دُبُرَك بعدَ قَضاءِ الحاجةِ مُسْتَخْدِمًا الأحجارَ، "فأَوتِرْ"، أي: استخْدِمْ مِن الأحجارِ عدَدًا فَردِيًّا؛ بأنْ يكونَ ثلاثةً أو خمسةً، وهكذا، وإنَّما أمَرَ بالوِترِ؛ لأنَّه كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحِبُّ الوِترَ، ولعلَّ مِن الحِكمةِ ذلك: تَعدُّدَ الأحجارِ حتى يُتأكَّدَ مِن التنظيفِ، فإنْ نُظِّفَ الموضعُ بحَجرينِ أُضيفَ إليهما ثالثٌ؛ ليكونَ وترًا وإنِ احتاجَ إلى رابِعٍ أُضيفَ إليه خامسٌ؛ ليكونَ العددُ وِترًا وهكذا؛ فيكونُ على الصِّفةِ التي يُحبُّها اللهُ تعالى في إيتارِ كثيرٍ من أمورِ التعبُّدِ، وعلى كلِّ حالٍ فعلى المسلمِ أنْ يَمتثِلَ لأمْرِ اللهِ تعالَى وأمْرِ نبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولو لم يَطَّلِعْ على العِلَّةِ والحِكمةِ من الأمْرِ