حديث عقبة بن عامر الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم 121
مستند احمد
حدثنا يحيى بن إسحاق، أخبرنا ابن لهيعة، عن يزيد، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: «اقرءوا هاتين الآيتين اللتين من آخر سورة البقرة، فإن ربي أعطاهن أوأعطانيهن من تحت العرش»
خَصَّ اللهُ سُبحانَه وتَعالى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بما لم يَخُصَّ به أحَدًا مِنَ الأنبياءِ قَبلَه
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بإحدى هذه الخِصالِ، وهي نُزولُ الآياتِ الأخيرةِ مِن سُورةِ البَقَرةِ عليه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فيَقولُ: "أُعطيتُ هذه الآياتِ مِن آخِرِ سُورةِ البَقَرةِ"، والمُرادُ بها: الآيتانِ اللَّتانِ خُتِمتْ بهما سُورةُ البَقَرةِ، وهُما قَولُه تَعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 285، 286]، يَقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مِن كَنزٍ تَحتَ العَرشِ"، وهذا بَيانٌ لِعُلوِّ شَأنِهما وفَضلِهما في الثَّوابِ على مَن قَرَأهما وعمل بما فيهما؛ طَلَبًا لهذا الأجرِ، والمُرادُ بالعَرشِ: عَرشُ الرَّحمنِ الذي استَوى عليه استِواءً يَليقُ بذاتِه وجَلالِه، وهو يُشيرُ إلى ما حَطَّه اللهُ عن أُمَّتِه مِنَ الإِصرِ وتَحميلِ ما لا طَاقةَ لهم به، ورَفعِ الخَطأِ والنِّسيانِ
وقد وَرَدَ عِندَ التِّرمذيِّ أنَّ مَن قَرَأهما في دارِه ثَلاثَ لَيالٍ لا يَقرَبُها شَيطانٌ. وأيضًا مَن قرأَهما في ليلةٍ كَفَتاهُ، أي: الشرورَ، هذا بالإضافةِ إلى ما فيهما مِن أُصولِ الإيمانِ والعَقيدةِ الصَّحيحةِ في الإسلامِ مِنَ الإيمانِ بالغَيبِ الذي أخبَرَنا عنه اللهُ عزَّ وجلَّ، وحدَّثَنا عنه رسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومنها ما كان مِن عِلْمِ الأزَلِ عِندَ اللهِ سُبحانَه وتَعالى، وما فيها مِنَ الإخبارِ بضَرورةِ الإيمانِ بِاللَّهِ ومَلائِكَتِه وكُتُبِه ورُسُلِه، وهذه المَعاني كُلُّها كَنزٌ لِمَن يَعلَمُها ويَعمَلُ بها، فهي كَنزٌ له في الدُّنيا والآخِرةِ. وقَولُه: "لم يُعطَها نَبيٌّ قَبلي"، يُشيرُ إلى فَضلِ اللهِ على نَبيِّه، ففَضلُه على جَميعِ الأنبياءِ بهذه الخَصلةِ، وهذا الفَضلِ
وفي الحَديثِ فَضلُ هاتَيْنِ الآيتَيْنِ مِن سُورةِ البَقَرةِ