حديث عقبة بن عامر الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم132

مستند احمد

حديث عقبة بن عامر الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم132

 وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " رجلان من أمتي يقوم أحدهما من الليل فيعالج نفسه إلى الطهور وعليه عقد فيتوضأ، فإذا وضأ يديه، انحلت عقدة، وإذا وضأ [ص:658] وجهه، انحلت عقدة، وإذا مسح رأسه، انحلت عقدة، وإذا وضأ رجليه، انحلت عقدة، فيقول الرب للذين وراء الحجاب: انظروا إلى عبدي هذا يعالج نفسه، ما سألني عبدي هذا فهو له "

الشَّيطانُ عدُوُّ الإنسانِ الأوَّلُ والأخطَرُ، وقد حذَّرَنا اللهُ منه في القرآنِ، وعلَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كيفيَّةَ التَّخلُّصِ مِن حِيَلِه وشَرِّه، كما علَّمَنا الأعمالَ والأقوالَ والتَّعويذاتِ التي تُنجِّينا منه

 كما يُوضِّحُ هذا الحديثُ؛ حيث يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "ما مِن مُسلمٍ ذكَرٍ ولا أُنْثى"، أي: كلُّ مُسلمٍ، "يَنامُ إلَّا وعليه جريرٌ مَعقودٌ"، أي: حبْلٌ مَربوطٌ بالعُقَدِ، والمقصودُ بالعَقْدِ العَقْدُ القلبيُّ النَّاتجُ عن الشَّيطانِ ووَسوَستِه، فالمعنى: أنَّه يُوسوِسُ للمؤمِنِ إذا أراد القيامَ مِن اللَّيلِ للصلاةِ بالكسَلِ، وطُولِ الليلِ، ونحوِ ذلك، "فإنْ هو توضَّأَ وقام إلى الصلاةِ"، أي: صلاةِ اللَّيلِ، "أصبَحَ نشيطًا قد أصاب خيرًا"، أي: أصبَحَ نشيطًا طيِّبَ النَّفْسِ؛ لأنَّه مَسرورٌ بما قدَّمَ في ليلِه مِن عمَلِ البِرِّ، ومَسرورٌ بنَجاتِه مِن كَيدِ الشَّيطانِ ومِن شَرِّ عُقَدِه، ومُستبشِرٌ بما وعَدَه اللهُ مِن الثَّوابِ والغُفرانِ، "وقدِ انحلَّتْ عُقَدُه كلُّها" بفَضلِ الوُضوءِ والصَّلاةِ، وما فِيهما مِن الذِّكْرِ، "وإنِ استَيقَظَ ولم يَذكُرِ اللهَ" بأيِّ ذِكرٍ مأثورٍ؛ مِن التَّسبيحِ، والتَّحميدِ، والتَّكبيرِ، "أصبَحَ وعُقَدُه عليه"؛ لأنَّ الشَّيطانَ جاثمٌ على قلْبِه، "وأصبَحَ ثَقيلًا كسلانَ، ولم يُصِبْ خيرًا"، أي: لم يَنَلْ أيَّ خيرٍ أو ثوابٍ بسَببِ كَسَلِه عن الوُضوءِ والصَّلاةِ والذِّكرِ؛ لأنَّ الشَّيطانَ قد تمكَّنَ منه، وثبَّتَ عليه عُقَدَه، وكسَّلَه عن النَّشاطِ في أعمالِ البِرِّ
وهذا هو حالُ الإنسانِ مع الشَّيطانِ، وصراعُه معه؛ فيَنْبغي على المسلمِ الأخْذُ بأسبابِ الوقايةِ مِن وَساوسِ الشيطانِ؛ لِيَكونَ هادئَ الخاطرِ والبالِ، ويكونَ مع اللهِ بالحفاظِ على الذِّكْرِ والطَّهارةِ
وفي الحديثِ: دَليلٌ على أنَّ الطَّهارةَ وذِكرَ اللهِ تعالى يَطرُدانِ الشَّيطانَ
وفيه: حَثٌّ على تَحصينِ النفْسِ مِن الشَّيطانِ؛ بالطاعاتِ، والوُضوءِ، والصَّلاةِ