حديث عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم 18
مستند احمد
حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، قال: لما قتل عمار بن ياسر دخل عمرو بن حزم على عمرو بن العاص، فقال: قتل عمار، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تقتله الفئة الباغية» ، فقام عمرو بن العاص فزعا يرجع حتى دخل على معاوية، فقال له معاوية: ما شأنك؟ قال: قتل عمار، فقال معاوية: قد قتل عمار، فماذا؟ قال عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تقتله الفئة الباغية» فقال له معاوية: دحضت في بولك، أونحن قتلناه؟ إنما قتله علي وأصحابه، جاءوا به حتى [ص:317] ألقوه بين رماحنا، - أو قال: بين سيوفنا -
المالُ مِنَ الفِتَنِ الَّتي ابتلَى اللهُ به عِبادَه، والتَّقلُّلُ منه عِصمةٌ مِن فِتْنتِه، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُقدِّمُ النَّموذجَ المِثاليَّ والقُدوةَ الحَسنةَ، فقد كانت سَعادتُه ومسرَّتُه عظيمتينِ حينما كان يَبذُلُ كلَّ ما عندَه مِن مالٍ؛ لِيُربِّيَ المسلمينَ بقولِه وعمَلِه على خُلقِ حبِّ العطاءِ
كما في هذا الحديثِ؛ حيث يَرْوي عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الْتفَتَ إلى أُحدٍ" وهو جبلٌ على مشارفِ المدينةِ، "فقال: والَّذي نفْسُ محمَّدٍ بيَدِه"، وهذا قسَمٌ باللهِ الذي يَملِكُ قبْضَ النُّفوسِ، ومنها نفْسُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكثيرًا ما كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُقسِمُ به، "ما يَسُرُّني"، أي: لا يُعجِبُني ولا يُحبَّبُ إليَّ، "أنَّ أُحُدًا يُحَوَّلُ"، أي: يَنقلِبُ بحِجارتِه وما فيه، "لآلِ محمَّدٍ ذهبًا أُنفِقُه في سبيلِ اللهِ"، يعني: لا أُحِبُّ أنْ يكونَ لي مِثلُ جَبلِ أُحدٍ ذهبًا ويظَلَّ عندي منه دِينارٌ باقٍ إلَّا أنفَقْتُه في سبيلِ اللهِ، "أموتُ يومَ أموتُ أدَعُ منه دِينارينِ، إلَّا دِينارينِ أُعِدُّهما لدَينٍ إنْ كان"، يعني: دِينارًا يدَّخِرُه ويَجعَلُه لِسَدادِ دَينٍ عليه، "فمات، وما ترَكَ دِينارًا ولا دِرهمًا"، بلْ أنفَقَ كلَّ ما أفاء اللهُ عليه في سبيلِ اللهِ وعلى فُقراءِ المسلمينَ، "ولا عبْدًا ولا وَليدةً"، أي: لم يَترُكْ عبيدًا كان يَملِكُهم في حياتِه رِجالًا ولا نساءً؛ فكلُّ مَن مَلَكهم أعتَقَهم في حياتِه، "وترَكَ دِرْعَه مرهونةً عندَ يهوديٍّ على ثلاثينَ صاعًا مِن شَعيرٍ"، أي: مرهونةً نظيرَ قدْرٍ مِن الشَّعيرِ أخَذَه لإطعامِ أهْلِه، والصَّاعُ يزِنُ ما بيْن 2.04 و3.5 كيلو جرامًا بالموازينِ الحديثةِ
وفي الحَديثِ: الحثُّ على إنفاقِ المالِ في سبيلِ اللهِ
وفيه: بيانُ أهمِّيَّةِ قضاءِ الدَّينِ، وأنَّه يَنْبغي على المسلمِ إعدادُ المالِ الكافي لسَدادِه قبْلَ موتِه