حديث عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم 6
مستند احمد
حدثنا بهز، حدثنا شعبة، قال: أخبرني الحكم، قال: سمعت ذكوان أبا صالح، يحدث عن مولى لعمرو بن العاص، أن عمرو بن العاص أرسله إلى علي يستأذنه على امرأته أسماء بنت عميس، فأذن له، فتكلما في حاجة، فلما خرج سأله المولى عن ذلك، فقال عمرو: «نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستأذن على النساء إلا بإذن أزواجهن»
أمَر الإسْلامُ بالعِفَّةِ وكلِّ ما يُقرِّبُ إليها مِن خُلقٍ، ونَهى عن كلِّ سبَبٍ يُوصِّلُ للفِتْنةِ والشَّرِّ، وأغلَق جَميعَ أبْوابِه وطُرقِه؛ حِفاظًا على الأُمَّةِ مِن الذُّنوبِ المُهلِكاتِ، وما يُفسِدُ المُجتمَعاتِ، حتَّى منَع الرِّجالَ الأجانبَ الَّذين ليْسوا بمَحارِمَ مِن الدُّخولِ على الغائبِ عنها زَوجُها
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابِعيُّ أبو صالحٍ أنَّ عَمرَو بنَ العاصِ رَضيَ اللهُ عنه استَأذَنَ في الدُّخولِ على فاطمةَ بنتِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في بيْتِ زَوجِها عَليِّ بنِ أبي طالبٍ، فأذِنَت له بالدُّخولِ، فسَأَل عن زَوجِها عَليٍّ رَضيَ اللهُ عنه وهل هو مَوجودٌ في البَيتِ؟ فقالوا: لا، فرجَع ولمْ يَدخُلْ، ثمَّ عاد مرَّةً أُخْرى، واستَأذَنَ في الدُّخولِ، وسَأَل: هلْ عَليٌّ مَوجودٌ في البَيتِ؟ فلمَّا أجابوه أنَّه مَوجودٌ دخَل البَيتَ، وهذا مِن حُسنِ الأدَبِ في دُخولِ البُيوتِ، وعندَئذٍ سَأَله عَليٌّ رَضيَ اللهُ عنه عن سَببِ امتِناعِه مِن الدُّخولِ في المرَّةِ الأُولى حِين لم يَجِدْ عليًّا في البَيتِ، فأخبَرَه عَمرٌو رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهى أنْ يَدخُلَ الرِّجالُ على النِّساءِ المُغِيباتِ، وهنَّ: الأجْنَبيَّاتُ اللَّاتي غاب عنهُنَّ أزواجُهنَّ
وفي رِوايةِ التِّرمِذيِّ: «إنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهانا -أو نَهى- أنْ نَدخُلَ على النِّساءِ بغَيرِ إذْنِ أزْواجِهنَّ»، وهذا كلُّه يَعْني ألَّا يَدخُلَ أجنَبيٌّ على امرأةٍ في بَيتِ زَوجِها؛ وذلك أنَّ المَنزِلَ مِلكُه؛ فلا يَجوزُ دُخولُه إلَّا بإذنِه، ويَتوقَّفُ الدُّخولُ على المَرأةِ لحاجةٍ بعْدَ إذْنِ زَوجِها، وطلَبُ الإذْنِ يكونُ بعْدَ انتِفاءِ الخَلْوةِ المَمْنوعةِ؛ للنَّهيِ عنِ الخَلْوةِ بالأجنَبيَّةِ؛ لأنَّ الشَّيطانَ يَجْري منِ ابنِ آدَمَ مَجْرى الدَّمِ، وقدْ يُؤدِّي ذلك إلى الفِتنةِ ووُقوعِ الشَّرِّ في النُّفوسِ