حديث مالك بن عتاهية 1

مستند احمد

حديث مالك بن عتاهية 1

حدثنا محمد بن بكر يعني البرساني، أخبرنا وهيب بن خالد، حدثنا أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، قال: قامت خطباء بإيلياء في إمارة معاوية، فتكلموا وكان آخر من تكلم مرة بن كعب، فقال: لولا حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما قمت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يذكر فتنة فقربها، فمر رجل متقنع، فقال: «هذا يومئذ وأصحابه على الحق والهدى» ، فقلت: هذا يا رسول الله؟، وأقبلت بوجهه إليه، فقال: «هذا» ، فإذا هو عثمان

في هذا الحَديثِ بيانُ مَنقبةٍ جليلةٍ مِن مَناقِبِ عُثمانَ بنِ عَفَّانَ رضِيَ اللهُ عنه، حيث يُخبِر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِما سيَقَعُ مِن فِتنةٍ يَكونُ فيها عُثمانُ رضي اللهُ عنه ومَن معَه على ثَباتٍ وبَصيرةٍ، وفيه "أنَّ خُطَباءَ قامَتْ بالشَّامِ يَخطُبون، وفيهم"، أي: كان ضِمْنَ هؤلاءِ الخُطباءِ رِجالٌ مِن أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فقام آخِرُهم رجُلٌ يُقالُ له: مُرَّةُ بنُ كَعبٍ، فقال: "لولا حَديثٌ سَمِعتُه مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ما قُمتُ"، أي: لولا أنَّ هناك حديثًا قد سَمِعتُه بأُذنِي مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن غَيرِ واسِطةٍ ما قُمتُ فيكم خَطيبًا، ولا ذكَرتُ شَيئًا، وقد كان ذلك بعدَ مَقتلِ عُثمانَ رضِيَ اللهُ عنه لِمَا في روايةِ أحمد: "لَمَّا قُتِلَ عثمانُ رضِيَ اللهُ عنه قام خُطباءُ بإيلياء"، فبيَّنتْ هذه الروايةُ أنَّه كان بَعدَ مقتلِه، وحدَّدتِ المكانَ، وأنَّه كان في إيلياء، وهو بيتُ المقدسِ، ولعلَّه قام يُدافِعُ عن عُثمانَ رضِيَ اللهُ عنه، "وذكَر"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم "الفِتَنَ فقَرَّبها"، أي: أخبَر النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عن قُربِ زَمانِ وُقوعِ الفِتنِ، وفي أثناءِ ذِكْرِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم هذه الفِتَنَ، "فمَرَّ رجُلٌ مُقنَّعٌ في ثوبٍ"، أي: جَعَل ثوبَه كالقِناعِ يَستَتِرُ به، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "هذا"، أي: الرَّجُلُ المقنَّعُ في ثوبِه "يومَئذٍ"، أي: في يومِ أن تقَعَ هذه الفِتَنُ فهو "على الهُدى"، أي: على بَصيرةٍ وصوابٍ ونورٍ
قال كَعبُ بنُ مُرَّةَ: "فقمتُ إليه"، أي: لكي أراه مَن هو هذا الرَّجُلُ؟ "فإذا هو عثمانُ بنُ عفَّانَ رَضِي اللهُ عَنه"، ثمَّ قال كَعبُ بنُ مُرَّةَ: "فأقبَلتُ عليه"، أي: على النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم "بوَجهِه"، أي: بوجهِ عُثمانَ، "فقلتُ: هذا؟"، أي: فسَألتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: هل هذا هو الرَّجلُ الَّذي تَقصِدُه يا رَسولَ اللهِ، أنَّه يَكونُ وقتَ الفِتَنِ على بصيرةٍ؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "نعَم"
وفي الحديثِ: مُعجِزةٌ ظاهرةٌ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ودَلالةٌ من دَلائِلِ صِدْقِ نُبوَّتِه؛ حيث أخبرَ بما يقَعُ مِن فِتَنٍ، ووقَع كما أخْبَر