حديث مطرف بن عبد الله عن أبيه 13

مسند احمد

حديث مطرف بن عبد الله عن أبيه 13

حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، وحجاج، قال: حدثني [ص:242] شعبة، عن قتادة، وقال: ابن جعفر، قال: سمعت قتادة، عن مطرف بن عبد الله قال حجاج في حديثه قال: سمعت مطرفا، عن أبيه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أنت سيد قريش؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «السيد الله» ، فقال: أنت أفضلها فيها قولا، وأعظمها فيها طولا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليقل أحدكم بقوله ولا يستجرنه الشيطان أو الشياطين»

كان الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم يُحبُّونَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حبًّا جمًّا ويُعظِّمونَه، وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقرُّهم فَقطْ على القَدْرِ الذي يَليقُ به في تَعظيمِهم ومَدْحِهم إيَّاه؛ حتَّى لا يُوقِعَهم الشيطانُ الغُلوِّ وما فيه مُخالَفةٌ ومَعصيَّةٌ
وفي هذا الحَديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ الشِّخِّيرِ رضِيَ اللهُ عنه: "انطلَقْتُ في وفْدِ بَني عامِرٍ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم"، أي: قاصِدينَ ومتوجِّهينَ إليه، "فقُلنا" أي: بعدَ أنْ وصَلْنا وقابَلْنا النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مادِحينَ له: "أنتَ سيِّدُنا"، فقال لهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "السَّيِّدُ اللهُ تبارَكَ وتعالى"، أي: الَّذي له السِّيادةُ على الحقيقَةِ هو اللهُ عزَّ وجلَّ
قال عبد الله: "فقلنا: وأفْضَلُنا فضْلًا"، أي: أعْلانا رُتبَةً وشرَفًا ومزِيَّةً، "وأعْظَمُنا طَوْلًا"، أي: أكثرُنا عَطاءً وعلوًّا ورِفعَةً، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "قولوا بقولِكم"؛ الَّذي قُلتُموه، أو "بعْضِ قولِكم"، أي: اترُكوا بعْضًا ممَّا تَقولون؛ لعَدَمِ المُبالغَةِ في المدْحِ، "ولا يسْتجْريَنَّكمُ الشَّيطانُ"، أي: لا يَستعْمِلنَّكم الشَّيطانُ فيما يُريدُ، أو لا تُبالِغوا في المَديحِ حتَّى لا يَجرَّكم الشَّيطانُ إلى ما يُخالِفُ الحقَّ فتَقَعوا في الباطِلِ
قيل: إنَّ تَخصيصَ السِّيادةِ للهِ عزَّ وجلَّ في هذا الحَديثِ لا يُنافِي قولَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في حديثٍ آخَرَ: "أنا سيِّدُ ولدِ آدَمَ، ولا فَخْرَ"، ولا قولَه صلَّى الله عليه وسلَّم لبَني قُريظةَ: "قُوموا إلى سَيِّدِكم" يُريدُ سَعْدَ بنَ مُعاذٍ؛ وذلك أنَّهم كانوا في هذا الوقتِ حَديثِي عَهدٍ بجاهليَّة، وربَّما قَصَدوا بالسِّيادةِ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَعضَ المعاني المشترَكةِ في حَقِّ اللهِ تعالى؛ فرَدَّها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لله عزَّ وجلَّ