بقية حديث الحكم بن عمرو الغفاري4
مسند احمد
حدثنا عبد الصمد، حدثنا يزيد يعني ابن إبراهيم، قال: سألت محمدا، عن حديث عمران بن حصين، فقال: نبئت أن عمران بن حصين قال للحكم الغفاري، وكلاهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، هل تعلم يوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا طاعة في معصية الله قال: نعم قال عمران: الله أكبر، الله أكبر
وفي هذا الحَديثِ يَحْكي التَّابعيُّ الحَسَنُ البَصْريُّ: "أنَّ زيادًا" وهو ابنُ أبي سُفيانَ، وكان والِيًا مُطلَقَ اليَدِ في العِراقِ من قِبَلِ مُعاويةَ بنِ أبي سُفيانَ رضِيَ اللهُ عنه "استَعْمَلَ الحَكَمَ بنَ عَمْرٍو"، وفي روايةِ الطَّبَرانيِّ: "على جَيشٍ"، قال الحَسَنُ: "فلَقِيَهُ عِمْرانُ بنُ حُصَينٍ، فقال: أمَا تَذكُرُ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لمَّا بلَغَهُ الَّذي قالَ له أميرُهُ: قَعْ في النَّارِ" فاقْفِزْ فيها طاعةً لأمْري "فقامَ لِيَقَعَ فيها، فأدرَكَهُ" قَبلَ أنْ يَقفِزَ في النَّارِ "فأمسَكَهُ" ومنَعَهُ من القَفزِ فيها؛ لأنَّه إنَّما كان يُمازِحُهُم كما جاءَ في أصْلِ الرِّوايةِ، "فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لو وقَعَ فيها لدخَلَ النَّارَ"، والمَقْصودُ أنَّه لو دخَلَ هذه النَّارَ الَّتي أوْقَدوها في الدُّنيا لدخَلَ نارَ الآخِرةِ؛ لأنَّهم ارتَكَبُوا ما نُهوا عنه من قَتلِ أنْفُسِهِم، وقيلَ: لِيَفهَمَ السَّامِعُ أنَّ مَن فَعَلَ لِكَ خُلِّدَ في النَّارِ، وليس ذلِكَ مُرادًا، وإنَّما أُريدَ به الزَّجْرُ وَالتَّخْويفُ، "لا طاعةَ لِمَخْلوقٍ في مَعصيةِ اللهِ؟" وإنَّما الطَّاعةُ لِلوُلاةِ والأُمَراءِ تكونُ فقطْ في المَعْروفِ وطَاعةِ اللهِ تَعالى ورسولِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، والمَعْروفُ: هو ما كان مِن الأُمورِ المَعْروفةِ في الشَّرعِ، لا المَعْروفةِ في العَقلِ أو العادَةِ، "قال الحَكَمُ: بَلى"، يَعْني: أتذكَّرُ وأعرِفُ هذا الحَديثَ "قالَ عِمْرانُ بنُ حُصَينٍ رضِيَ اللهُ عنه: "إنَّما أرَدتُ أنْ أُذكِّرَك هذا الحَديثَ" حتَّى يكونَ في عَقْلِكَ أنَّ طاعةَ الأُمَراءِ والوُلاةِ غَيرُ مُطلَقةٍ، وإنَّما هي مُقيَّدةٌ بالمَعْروفِ فيما وافَقَ أمْرَ اللهِ ورسولِهِ، ولعلَّه قال له ذلِكَ لما يَعلَمُهُ من وُقوعِ الظُّلمِ والجَورِ من زيادِ بنِ أبي سُفيانَ.
وفي الحَديثِ: أنَّ الدُّعاةَ مَنوطٌ بهم تَذْكيرُ الوُلاةِ، والنُّصحُ لهم بما فيه طاعةُ اللهِ، ومَصْلَحةُ العِبادِ .