مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 801
حدثنا أبو النضر، حدثنا عبد الحميد، حدثنا شهر، قال: قال ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيما رجل ادعى إلى غير والده، أو تولى غير مواليه الذين أعتقوه، فإن عليه لعنة الله والملائكة والناس (2) أجمعين إلى يوم القيامة، لا يقبل منه صرف ولا عدل " (3)
نظَّمَ الشَّرعُ أمورَ النَّسَبِ والانتماءِ إلى النَّاسِ بطُرقٍ واضحةٍ مَعروفةٍ ومُنضبطةٍ، والخُروجُ على هذه الطُّرقِ يُفسِدُ الأنسابَ ويَخلِطُ بيْنها، ويَترتَّبُ عليه مَفاسِدُ، وتُنْتَهَكُ به الحُرماتُ
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: "أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: مَن ادَّعَى إلى غَيرِ أبيهِ"، أي: انتسَبَ ظُلمًا وزُورًا إلى غَيرِ أبيهِ الَّذي هو مِن صُلْبِه، "أو تولَّى غيرَ مَوالِيه"، أي: مَن أعْطى ولاءَهُ لغيرِ مَوالِيه، الَّذين أعتَقُوهُ مِن الرِّقِّ، فقدِ استحَقَّ تلك العُقوبةَ أيضًا؛ لأنَّ لُحمةَ الولاءِ كلُحمةِ النَّسَبِ؛ فلا يَحِلُّ تجاوُزُها؛ فإنَّ العِتقَ مِن حيثُ إنَّ له لُحمةً كلُحمةِ النَّسبِ، فإذا نُسِبَ إلى غيرِ مَن هو له، كان كالدَّعِيِّ الَّذي تَبرَّأَ مِمَّن هو منه، وألْحَقَ نفْسَه بغَيرِه؛ "فعليهِ لَعنةُ اللهِ والملائكةِ والنَّاسِ أجمعينَ"، وهذا دُعاءٌ عليه بالطَّردِ والإبعادِ عن الرَّحمةِ؛ بسَببِ فِعلِه وجُرْمِه، وهذا مُبالَغةٌ في شِدَّةِ اللَّعنِ