حديث معاوية بن أبي سفيان 11
مستند احمد
حدثنا وكيع، حدثنا أسامة بن زيد، عن محمد بن كعب القرظي، قال: قال معاوية على المنبر: «اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، من يرد الله به خيرا يفقه في الدين» سمعت هؤلاء الكلمات من رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا المنبر
كان الصَّحابَةُ يَتَعلَّمون مِن أفْعالِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكانوا يُلاحِظونَهُ في كُلِّ أحْوالِهِ، فيَستَنُّون بهَدْيِهِ، ويَنقُلون عنه كُلَّ التَّفاصيلِ ليُعلِّموا مَن بعدَهم
وفي هذا الحَديثِ يقولُ التَّابعيُّ مُحمَّدُبنُ كَعبٍ القُرَظيُّ: "سَمِعتُ مُعاويةَ"، وهو ابنُ أبي سُفْيانَ خَليفةُ المُسلِمينَ "يَخطُبُ على هذا المِنبَرِ" يَقصِدُ مِنبَرَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "يقولُ: تَعلَمُنَّ أنَّه: لا مانِعَ لما أعْطى، ولا مُعطِيَ لما منَعَ اللهُ" لا يَستَطيعُ أحَدٌ أنْ يمنَعَ ما أرادَ اللهُ عزَّ وجلَّ إعطاءَه لأحَدٍ مِن خلْقِهِ، ولا يَملِكُ أحَدٌ أنْ يُعطِيَ مَن أرادَ اللهُ عزَّ وجلَّ مَنْعَهُ، "ولا يَنفَعُ ذا الجَدِّ منه الجَدُّ" الجَدُّ: هو الحظُّ والغِنى، والمَعْنى: لا يَنفَعُ ذا الحظِّ حظُّه، ولا ذا الغِنى غِناهُ، وإنَّما تَنفعُهُ الطَّاعاتُ والعَمَلُ، وقيلَ: إنَّ الحظَّ والغِنَى مِنك، فلا يَنفَعُ الحظُّ صاحبَهُ، ولا يُغنِي عنه مِن عَذابِ الله شيئًا. "مَن يُرِدِ اللهُ به خَيرًا يُفقِّهْهُ في الدِّينِ" بأنْ يَمنَحَهُ فَهْمَ العِلمِ الشَّرعيِّ الَّذي لا يُدانيهِ خَيرٌ في هذا الوُجودِ في فَضلِهِ وشَرَفِهِ، وعُلُوِّ دَرَجتِهِ؛ لأنَّه ميراثُ الأنبياءِ، الَّذي لم يُورِّثُوا غيرَهُ. "سَمِعتُ هذه الأحرُفَ من رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على هذه الأعْوادِ"والمَعْنى أنَّ حَديثَهُ كان نقْلًا لكَلامِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، والمُرادُ بالأعْوادِ: الأخْشابُ المَصْنوعُ منها المِنبَرُ
وفي الحَديثِ: أنَّ العِلمَ الشَّرعيَّ أشرَفُ العُلومِ إطْلاقًا؛ لعَلاقتِهِ باللهِ
وفيه: أنَّ الفِقهَ في الدِّينِ مِن عَلاماتِ خَيْريَّةِ المُسلِمِ
وفيه: فَضلُ العِلمِ، وفَضلُ تعلُّمِهِ