حديث يعلى بن أمية 9

مستند احمد

حديث يعلى بن أمية 9

 حدثنا الهيثم بن خارجة، قال: حدثنا بشير بن طلحة أبو نصر الحضرمي أو الخشني، عن خالد بن دريك، عن يعلى بن أمية، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعثني في سرايا، فبعثني ذات يوم في سرية، وكان رجل يركب بغلا، فقلت له: أرحل، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد بعثني في سرية، فقال: ما أنا بخارج معك، قلت: ولم؟ قال: حتى تجعل لي ثلاثة دنانير [ص:476]، قلت: الآن حيث ودعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما أنا براجع إليه، أرحل ولك ثلاثة دنانير، فلما رجعت من غزاتي، ذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «ليس له من غزاته هذه، ومن دنياه، ومن آخرته، إلا ثلاثة الدنانير»

الجهادُ في سَبيلِ اللهِ له فضلٌ عظيمٌ، وكلُّ مَن شارَك فيه بأيِّ عمَلٍ فله نَصيبُه مِنه؛ فمَن أنفَق على المجاهِدين فله أجرُ نفَقتِه، ومَن جاهَد بنَفسِه فله أجرُ جِهادِه إلَّا الَّذي لم يُرِدْ بعَملِه إلَّا الدُّنيا
وفي هذا الحديثِ يقولُ يَعْلى ابنُ مُنْيةَ رَضِي اللهُ عنه: "آذَنَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم بالغَزوِ"، أي: بالخُروجِ إلى الغزوِ والقتالِ في سبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ، "وأنا شيخٌ كبيرٌ"، إشارةً إلى عدَمِ قُدرتِه على الخروجِ للجِهادِ، أو عدَمِ قدرتِه على الخروجِ بمفرَدِه إلَّا أن يَكونَ معَه مَن يَخدُمُه، "ليس لي خادمٌ"؛ ليُخرِجَه معَه، "فالتمَستُ أجيرًا يَكْفيني وأَجْري له سهمُه"، أي: طلَبتُ أجيرًا يُؤجِّرُ نفْسَه في الجِهادِ عنِّي مُقابِلَ أن أُعطِيَه ما يَخرُجُ لي مِن الغنيمةِ، مِن مالٍ وغيرِه، "فوَجَدتُ رجُلًا"، أي: أجيرًا، "فلمَّا دَنا الرَّحيلُ"، أي: قَرُبَ موعِدُ الخروجِ، "أتاني، فقال: ما أدري ما السُّهمانُ وما يَبلُغُ سَهْمي"، أي: قَدرُه وقدرُ نَصيبي منه، "فسَمِّ لي شيئًا كان السَّهمُ أو لم يَكُنْ"، أي: إنَّه طلَب مالًا مُحدَّدًا دونَ النَّظرِ إلى الغَنيمةِ، "فسمَّيتُ له ثلاثةَ دَنانيرَ"، أي: كانت أُجرتُه في الخروجِ ثلاثةَ دنانيرَ، قال: "فلمَّا حضَرَتْ غَنيمتُه أردتُ أن أُجرِيَ له سهمَه، فذَكَرتُ الدَّنانيرَ، فجِئتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم"، أي: ليُخبِرَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم بأمرِ الرَّجلِ واتِّفاقِه معه، قال يَعْلى: "فذكَرتُ له"، أي: للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم، "أمْرَه"، أي: أمْرَ الرَّجلِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "ما أجِدُ له في غَزوتِه هذه في الدُّنيا والآخِرَةِ"، أي: مِن الأجرِ، "إلَّا دَنانيرَه الَّتي سَمَّى"، أي: إنَّ ثَوابَه والَّذي حصَل عليه الرَّجُلُ الأجيرُ في خُروجِه هذا الدَّنانيرُ فقَطْ، ولم يَكُنْ له ثوابٌ في الآخِرَةِ، وهذا مِن ارتِباطِ العمَلِ بالنِّيَّةِ، فليس له مِن جِهادِه إلَّا المالُ الَّذي طلَبَه أُجرَةً على جِهادِه