مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 939
مسند احمد
حدثنا سريج، حدثنا حماد يعني ابن زيد، عن الحجاج بن أرطاة، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله، قال: «قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفنا بالبيت، وبين الصفا، والمروة، فلما كان يوم النحر لم نقرب الصفا والمروة»
مِن أركانِ الإسلامِ حَجُّ بَيتِ اللهِ الحَرامِ، وقد حَجَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَجَّةَ الوَداعِ؛ لِكَيْ يُبَيِّنَ لِلناسِ مَناسِكَهم، وقد نَقَلَ لنا الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم جَميعَ هذه المَناسِكِ، وبأدَقِّ تَفاصيلِها
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ جابِرُ بنُ عَبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما: "قَدِمْنا مع رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ" مَكةَ في حَجَّةِ الوَداعِ، "فطُفْنا بالبَيتِ، وبَينَ الصَّفا والمَروةِ"؛ وذلك لِأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمَرَ مَن كانَ ساقَ الهَدْيَ أنْ يَطوفوا أوَّلًا بالبَيتِ ثم يَسعَوْا بَينَ الصَّفا والمَروةِ، ثم يَمكُثونَ على إحرامِهم إلى أنْ يُتِمُّوا حَجَّهم، فكانوا قارِنينَ بَينَ الحَجِّ والعُمرةِ، وأمَّا مَن لم يَسوقوا الهَدْيَ فقد أمَرَهم أنْ يُحِلُّوا بعُمرةٍ ويَطوفوا بالبَيتِ ثم بالصَّفا والمَروةِ ويُقَصِّروا ويُحِلُّوا مِن إحرامِهم ثم يَتمَتَّعوا إلى يَومِ التَّرويةِ، ثم يُحرِموا بالحَجِّ وعليهم هَدْيٌ لذلك، ثم قالَ جابِرٌ رَضيَ اللهُ عنه: "فلَمَّا كانَ يَومُ النَّحرِ" وهو يَومُ عيدِ الأضْحى في العاشِرِ مِن ذي الحِجَّةِ "لم نَقرَبِ الصَّفا والمَروةَ"؛ لِأنَّ القارِنَ لم يَسْعَ مَرَّةً أُخرى بَينَ الصَّفا والمَروةِ، بل يَكفيه السَّعيُ بَينَهما أوَّلَ مَرَّةٍ. والقارِنُ بَينَ الحَجِّ والعُمرةِ لا يَلزَمُه إلَّا طَوافٌ واحِدٌ وسَعيٌ واحِدٌ، كالمُفرِدِ، والطَّوافُ اللَّازِمُ في حَقِّه هو طَوافُ الإفاضةِ، وأمَّا طَوافُ القُدومِ فسُنَّةٌ، وأمَّا السَّعيُ فله أنْ يأتيَ به بَعدَ طَوافِ القُدومِ، أو يُؤخِّرَه؛ لِيَكونَ بَعدَ طَوافِ الإفاضةِ. ومَعلومٌ أنَّ القارِنَ إذا طافَ لِلقُدومِ وسَعَى، فإنَّه يَظَلُّ على إحرامِه، ولا يأخُذُ مِن شَعرِه، ولا يُسَمَّى ما أتى به عُمرةً؛ بل هي أعمالٌ لِلحَجِّ والعُمرةِ معًا
وفي الحَديثِ: بَيانُ التَّيسيرِ في أمْرِ الجَمعِ والقِرانِ بَينَ الحَجِّ والعُمرةِ