مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 958
مسند احمد
حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله ما الموجبتان؟ قال: «من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، ومن مات يشرك بالله دخل النار»
كَتَبَ اللهُ سُبحانه وتعالَى الخُلودَ في النَّارِ على كلِّ مَن ماتَ وهو مُشرِكٌ بِاللهِ تعالَى؛
إذِ الشِّركُ هو الذَّنبُ الَّذي لا يُغفَرُ؛ قال تعالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء: 48]، ومَن ماتَ لا يُشرِكُ باللهِ شيئًا فإنَّه سيَدخُلُ الجَنَّةِ، كما يُبيِّنُ هذا الحديثُ، حيثُ ذَكَّرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالعِقابِ المُستحَقِّ لِمَن ماتَ وهو مُشرِكٌ بِاللهِ تعالَى بأيِّ نوعٍ مِن الشِّركِ الأكبرِ؛ كأنْ يَعبُدَ مع اللهِ غيرَه، أو يَعتقِدَ أنَّ أحدًا شَريكٌ مع اللهِ في الخَلْقِ والتَّدبيرِ، فهذه هي خَصلةُ الشِّركِ التي تُوجِبُ لصاحِبِها النَّارَ فيَدخُلُها. وحَقيقةُ الشِّركِ المُوجِبِ لدُخولِ النارِ: اتِّخاذُ النِّدِّ مع اللهِ؛ سَواءٌ كان هذا النِّدُّ في الرُّبوبيَّةِ أو الأُلوهيَّةِ
ولَمَّا كان الشركُ باللهِ ضِدَّ الإيمانِ بِه؛ قال ابنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه: مَن ماتَ لا يُشرِكُ بِاللهِ شَيئًا دخَلَ الجنَّةَ، يعني: مَن ماتَ وهو مُؤمنٌ باللهِ مُوحِّدٌ له؛ فهذه خَصْلةُ الإيمانِ التي تُوجِبُ له الجَنَّةَ فيَدخُلُها؛ لأنَّ المُوحِّدِينَ لا بُدَّ لهم مِن دُخولِ الجنَّةَ آخِرَ الأمرِ؛ فمَنْ كانتْ عليه ذُنوبٌ فإمَّا أنْ يَعفوَ اللهُ عنه دونَ حِسابٍ، أو يُحاسِبَه على ما قدَّم ثمَّ يُدخِلَه الجَنَّةَ
وفي الحديثِ: التَّحذيرُ مِن الشِّركِ باللهِ عزَّ وجلَّ وبيانُ عَظيمِ خَطرِه
وفيه: بيانُ فَضْلِ الإيمانِ باللهِ تعالَى وتَوحيدِه؛ فكما أنَّ المُشرِكَ يَدخُلُ النارَ، فمَن ليس يُشرِكُ -وهو المُؤمِنُ الموحِّدُ- يَدخُلُ الجَنَّةَ