مسند عثمان بن عفان رضي الله عنه 11
حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا يونس - يعني ابن عبيد (3) - حدثني عطاء بن فروخ مولى القرشيين:
أن عثمان اشترى من رجل أرضا، فأبطأ عليه، فلقيه فقال له: ما منعك من قبض مالك؟ قال: إنك غبنتني، فما ألقى من الناس أحدا إلا وهو يلومني. قال: أو ذلك يمنعك؟ قال: نعم. قال: فاختر بين أرضك ومالك، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أدخل الله عز وجل الجنة رجلا كان سهلا مشتريا، وبائعا وقاضيا، ومقتضيا " (1)
السُّهولةُ واللِّينُ في مُعاملةِ النَّاسِ في جَميعِ نواحي الحَياةِ مِن محاسِنِ الأخلاقِ الَّتي حثَّتْ عليها الشَّريعةُ الإسلاميَّةُ، وأثنَتْ على فاعلِها.
وفي هذا الحديثِ يقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "أدخَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ رجُلًا كان سَهْلًا مُشترِيًا"، أي: يتَّصِفُ بالسُّهولةِ إذا اشتَرَى مِن غيرِه، فلا يُبالِغُ في مجادَلاتِ ثَمنِ السِّلعةِ، أو يتأخَّرُ في دَفْعِ ثمنِها، "وبائعًا"، أي: يتَّصِفُ بالسُّهولةِ كذلك إذا باع لغيرِه، فهو رجلٌ غيرُ عسيرٍ، فلا يخدَعُ غيرَه بمَحاسِنِ السِّلعةِ، ويُخفِي عيوبَها، "وقاضيًا"، أي: يتَّصِفُ بالسُّهولةِ أيضًا في قَضاءِ الدَّيْنِ الَّذي عليه؛ فلا يَنتقِصُ مِن الدَّيْنِ شيئًا، ولا يُؤخِّرُ الوفاءَ مع القدرةِ، "ومُقتضِيًا"، أي: يتَّصِفُ بالسُّهولةِ في مُطالبتِه غيرَه بمالِه، فلا يُعَسِّرُ عليه، "الجنَّةَ"، أي: جَزاؤُه أن يُدخِلَه اللهُ الجنَّةَ؛ فتِلك الصِّفاتُ يُحبُّها اللهُ تعالى في المعاملةِ بين النَّاسِ، فلا يفعَلُها إلَّا مَن وفَّقَه اللهُ سُبحانَه وتعالَى؛ ولذا رتَّبَ عليها جزاءَ الجنَّةِ.
وفي الحديثِ: الحثُّ على التَّيسيرِ في جَميعِ نواحي الحياةِ، ما لم يكُنْ إثمًا.
وفيه: الحثُّ على مَعالي الأخلاقِ، والبُعدِ عن التَّضييقِ على النَّاسِ.
وفيه: الحثُّ على الابتِعادِ عن الحِرصِ والشُّحِّ .