عطية المرأة بغير إذن زوجها
سنن النسائي
أخبرنا إسمعيل بن مسعود، قال حدثنا خالد بن الحارث، قال: حدثنا حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، أن أباه حدثه، عن عبد الله بن عمرو، قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قام خطيبا فقال في خطبته: «لا يجوز لامرأة عطية، إلا بإذن زوجها» مختصر
لقدْ بيَّنَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ما لكلٍّ مِن الزَّوجِ والزَّوجةِ من حُقوقٍ، وما على كلٍّ منهما مِن واجباتٍ، وأيضًا بيَّنَ الآدابَ التي يَنصَلِحُ بها حالُ البَيتِ المسلِمِ، ومنها: إذنُ الزَّوجِ فيما تُنفِقُ زوجتُه
وفي هذا الحديثِ يَحكي عبدُ اللهِ بنُ عمرِو بنِ العاصِ رَضِي اللهُ عَنهما: "لَمَّا فتَح رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مكَّةَ"، أي: سنَةَ ثَمانٍ للهجرةِ، عِندَما أعَدَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عشَرَةَ آلافِ مُقاتِلٍ، وفُتِحَت بفَضلِ اللهِ عزَّ وجلَّ دونَ قتالٍ، قام خَطيبًا فقال في خُطبَتِه: "لا يَجوزُ لامرأةٍ عَطيَّةٌ، إلَّا بإذنِ زوجِها"، أي: ليس لها التَّصدُّقُ مِن مالِ زَوجِها إلَّا بإذنِه، والإذنُ نوعانِ؛
الأوَّلُ: الإذنُ الصَّريحُ
والثَّاني: ما كان عُرفًا مِن صدَقةٍ قليلةٍ؛ كإعطاءِ السَّائلِ رَغيفَ خُبزٍ، ونحوِ ذلك، وعُلِم رِضا الزَّوجِ عن ذلك
والنَّهيُ هنا مُتعلِّقٌ بمالِه، ويَحتمِلُ أنْ يكونَ المعنى: ليس لها التَّصدُّقُ مِن مالِها إلَّا بإذنِ زوجِها؛ فيكون السَّببُ في طلَبِ إذنِه حُسنَ العِشْرةِ، واستطابةَ نفْسِ الزَّوجِ، والأدَبَ معَه، وإلا فقدْ وَرَد في النُّصوصِ ما يَدُلُّ على عدَمِ إلزامِ المرأةِ بإذنِ زوجِها إنْ تَصدَّقَت مِن مالِها؛ ومِنْها: حديثُ ميمونةَ رضِيَ اللهُ عنها- كما في صَحيحِ البخاريِّ-: أنَّها أعتَقَت وَليدةً، ولم تَستأذِنِ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، ولم يُنكِرْ عليها
وفي الحديثِ: بيانُ حِرْصِ الإسلامِ على الأخلاقِ العاليةِ، والآدابِ في المعامَلةِ بينَ الأزواجِ