فضل غدوة في سبيل الله عز وجل
سنن النسائي
أخبرنا عبدة بن عبد الله، قال: حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن سفيان، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الغدوة والروحة في سبيل الله عز وجل أفضل من الدنيا وما فيها»
الجِهادُ في سَبيلِ اللهِ هو ذِرْوَةُ سَنامِ الإسلامِ، ومَصدَرُ عِزِّ المُسلِمينَ، وهو بابٌ عَظيمٌ مِن أبوابِ الجَنَّةِ، وقد كَثُرتِ النُّصوصُ في الحَثِّ والحَضِّ عليه، وبَيانِ عَظيمِ أجْرِ اللهِ تعالَى لِمَن قامَ به
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ رِباطَ يَومٍ في سَبيلِ اللهِ خَيرٌ مِنَ الدُّنيا وما فيها، والرِّباطُ هو مُلازَمةُ المَكانِ الذي بيْنَ المُسلِمينَ والكُفَّارِ؛ لِحِراسةِ المُسلِمينَ، فهو الإقامةُ في الثُّغورِ، ونالَ المُرابِطُ في سَبيلِ اللهِ هذا الأجْرَ؛ لِمَا فيه مِنَ المُخاطَرةِ بالنَّفسِ مِن أجْلِ حِفظِ الإسلامِ والمُسلِمينَ
وأخبَرَ أنَّ مَوضِعَ السَّوطِ مِنَ الجَنَّةِ -وهو النَّعيمُ المُترَتِّبُ عليه- خَيرٌ مِنَ الدُّنيا وما فيها، ومَعناه: أنَّ المَكانَ الذي يُساوي المَوضِعَ الذي يَسقُطُ عليه السَّوطُ في سَوقِ الفَرَسِ الذي يُجاهَدُ به في سَبيلِ اللهِ هو -مع صِغَرِه- أفضَلُ مِنَ الدُّنيا وما فيها؛ وذلك لِأنَّ الدُّنيا فانيةٌ، وكُلَّ شَيءٍ في الجَنَّةِ -وإنْ صَغُرَ في التَّمثيلِ لنا، وليس فيها صَغيرٌ- هو أدوَمُ وأبْقى مِنَ الدُّنيا الفانيةِ المُنقَطِعةِ؛ فكانَ الدَّائِمُ الباقي خَيرًا مِنَ المُنقَطِعِ
والغَدْوةُ: السَّيْرُ في الوَقتِ الذي مِن أوَّلِ النَّهارِ إلى بِدايةِ وَقتِ الظُّهرِ، والرَّوْحةُ: مِن وَقتِ الظُّهرِ إلى اللَّيلِ. وثَوابُ الرَّوْحةِ أوِ الغَدْوةِ في سَبيلِ اللهِ مَرَّةً واحِدةً، خَيرٌ مِنَ الدُّنيا وما فيها
وفي الحَديثِ: فَضلُ الرِّباطِ في سَبيلِ اللهِ
وفيه: بيانُ حَقارةِ الدُّنيا بالنِّسبةِ إلى الآخِرةِ