كيف التلبية 1
سنن النسائي
أخبرنا عيسى بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: إن سالما، أخبرني أن أباه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل يقول: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك» وإن عبد الله بن عمر كان يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يركع بذي الحليفة ركعتين، ثم إذا استوت به الناقة قائمة عند مسجد ذي الحليفة، أهل بهؤلاء الكلمات
بَيَّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحكامَ الحَجِّ والعُمرةِ وسُننَهما وآدابَهما، بالقولِ والفِعلِ، ونقَلَ الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم ما سَمِعوه وما رَأَوه مِنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في ذلك
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنهُما أنَّه سَمِع رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَرفَعُ صَوتَه بالتَّلبِيَة وهو مُلَبِّدٌ شَعْرَه، وتَلبِيدُ الشَّعرِ: هو أنْ يُضَفِّرَ رأْسَه ويَجعَلَ فيه شيئًا مِن صَمْغٍ وشَبَهِه؛ لِيَجتمِعَ ويَتلبَّدَ، فلا يَتخلَّله الغُبارُ، ولا يُصِيبُه الشَّعَثُ، ولا يَحصُلُ به القَمْلُ، وهذا يُحتاجُه المُحرِمُ. والتَّلبيةُ مِن شَعائرِ الحجِّ، ورَفعُ الصَّوتِ بها إظهارٌ لهذه الشَّعيرةِ العَظيمةِ، وفيها إعلانُ التَّوحيدِ للهِ عزَّ وجلَّ، وفيها التَّنبيهُ على إكرامِ اللهِ تعالَى لعِبادِه؛ بأنَّ وُفودَهم على بَيتِه إنَّما كان باستِدعاءٍ مِنه. وصيغتُها -كما أخبر ابنُ عُمَرَ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: «لبَّيكَ اللَّهمَّ لبَّيكَ، لبَّيكَ لا شَريكَ لكَ لبَّيكَ، إنَّ الحَمدَ والنِّعمةَ لكَ والمُلكَ، لا شَريكَ لكَ»، أي: أُكرِّر إجابَتي لكَ في امتثالِ أمْرِك بالحَجِّ؛ فأنتَ المُستحِقُّ للشُّكرِ والثَّناءِ؛ لأنَّكَ المُتفَرِّدُ بالكَمالِ المُطلَقِ، ولأنَّكَ المُنعِمُ الحَقيقيُّ، وما مِن نِعمةٍ إلَّا وأنتَ مَصدرُها، وأنتَ المُتفَرِّدُ بالمُلكِ الدَّائمِ، وكُلُّ مُلْكٍ لِغيرِك إلى زَوالٍ
ثُمَّ أخبَر ابنُ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنهُما أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان لا يَزيدُ على هذا الدُّعاء، وهذا بِحَسَبِ ما سَمِعه ابنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما
وفي الحَديثِ: بَيانُ صِيغةِ التَّلبيةِ المأثورةِ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم