محاضرة 28

بطاقات دعوية

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له،ومن يضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله.

 هذه المحاضرة هى الثامنة والعشرون من علم العقيدة ، وذكرتُ فى المحاضرة السابقة عدة أمورٍ منها :-

  • ذكرتُ الدليلَ الثانى عند أهلِ السنةِ والجماعة لإثباتِ وجودَ البارى ألا وهو الفطرة.
  • ثانياً ذكرتُ الأدلةَ على ذلك ومنها قوله تعالى (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) [سورة العلق:1].
  • ثالثاً بينتُ أن الفطرةَ هى مجموعُ الإقرارِ بالله والإنابةِ إليه وبينتُ أن هذا المجموعُ هو كلمةَ التوحيد ( لا إله إلا الله) والتى معناها لا إله معبودٌ بحقٍ إلا الله.
  • رابعاً / بينتُ أن كل مولودٍ يولدُ على الفطرة يولدُ على الملة.
  • خامساً / بينتُ أن من ماتَ قبل البلوغ يُختبرُ ولابد فى الآخرة.
  • سادساً / بينتُ أن النبى صلي الله عليه وسلم أُرسلَ لتقريرِ الفطرة ولتكميلِ الفطرة أى يُكملُها بالشرعِ المُنزلِ من عندِ الله عز وجل .
  • سابعاً / بينتُ موقفَ الأشاعرةَ من الفطرة وأنها لا تثبتُ عندهم وجود الرب عز وجل وذكرتُ كلاماً لأبى المعالى الجوينى ولأبى حامد الغزالى ولأبى منصورالماتريدي، وذكرتُ طرفةً أن أبا جعفرِ الهمدانى أفحم أبا المعالى الجوينى وهو على المنبر.

نبدءُ اليوم إن شاء الله تعالى من الدليل الثالث الذى يستخدمهُ أهل السنة والجماعة لإثبات وجود الله عز وجل ألاوهو

(الإستدلالُ بالله على الله عز وجل )

أى نستدلُ بالله على الله عز وجل قلتُ المرادُ أن الله عز وجل أخبرنا بنفسه فعرفناه ولولا أنه عز وجل عرفنا بنفسه اصلاً ما عرفناه عز وجل هذا هو المرادُ بالإستدلال بالله على الله وذلك طبعاً بقطع النظر عن الأدلة السابقة فنحن نتكلمُ فى دليل كأنه يستقلُ بإثبات المطلوب قلتُ والأدلة على ذلك كثيرة من كتاب الله ومن سنة نبينا صلي الله عليه وسلم أكتفى بصورةٍ ألا وهى قوله تعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا) [سورة الفرقان:31]

وجه الاستدلالُ أن اللهَ عز وجلأخبر عن نفسه بصفتين أنه هادي عز وجل وأنه عز وجل نصير الذى يهمُنا فى بحثِنا الصفةُ الأولى ألا وهى أنه هادى عز وجل أى هدانا إلى معرفتهِ فَعرِفناهُ والذى يُؤكدُ هذا المعنى أن عبد الله بن رواحة رضي الله عنه أنشدَ والنبىُ صلي الله عليه وسلم يسمع

واللهِ لولا اللهُ ما أهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا

أؤكد

 واللهِ لولا اللهُ ما أهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا

والمعنى واللهِ لولا اللهُ ما عرِفناهُ ، قلتُ والنبى صلي الله عليه وسلم يسمعُ هذا الكلام ولم يُنكرُ هذا الكلامُ ومعلومٌ عندَكم أن تأخيرَ البيانِ عن وقت الحاجة لا يجوزُ بأىِ وجهٍ من الوجوه.

 قد يسألُ السائل لما فصلتَ ما أهتدينا أى ما عرفناه؟

قلتُ هذا مما لا شك فيه أنتم تعلمون أن الهداية على أربعةِ أنواع كما سبق :

النوع الأول / الهداية العامة وهى قوله تعالى (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) [سورة طه:50]

فهذه هى الهداية العامة التى ذكرها عبد الله بن رواحة رضي الله عنه ونبينا صلي الله عليه وسلم يسمعُ ولم يُنكره ، قلتُ والذى يؤكدُ المعنى السابق أن الله عز وجللما عرفنا بنفسه عرفناه سُئل ابن عباس رضي الله عنه من رجلٍ قيل له ( بماذا عرفتَ ربك؟ -الكلامُ واضح بماذا عرفتَ ربك؟ انظر ماذا يقول ابن عباس رضي الله عنه - قال من طلب دينهُ بالقياس –أى يقصدُ بالعقل المُجرد – لم يزلْ دهرَهُ فى إلتباس خارجاً عن المِنهاج ، ظاعناً في الاعوجاج، عرفتهُ بما عرَّف به نفسه، ووصفتهُ بما وصف به نفسه.)

انظروا إلى دقة هذا الكلام اقتطفُ بعض الألفاظ وأُعلقُ عليها:

أولا / قوله رضي الله عنه (عرفته بما عرَّف به نفسه، ووصفته بما وصف به نفسه) أى أنه عز وجل تعرفَ إلينا فعرفناه فهو عز وجل أصلُ كلُ هدايةٍ ، أصلُ كلُ علمٍ ، أصلُ كلُ نصرةٍ وقوةٍ وكيف لا وهو عز وجل الأولَ ونبينا صلي الله عليه وسلم عرفَ الأول  فقال الأولُ الذى ليس قبلهُ شىءٌ

الثانى / أن هذه الكلمة لابن عباس رضي الله عنه مشحونة بجمهرةٍ من المسائل أذكرُ منها

      أولا / أولَ ما قال ابن عباس رضي الله عنه (من طلب دينه بالقياس ) ويريدُ بالقياسِ العقلُ المجردُ عن النص يعنى خلاصةُ الكلام بالهوى خلاصة الكلام بالتشهى وهذه الطريقة تُورثُ الشبهةَ عند المستعمل بل وتورثُ الشهوة عياذاً بالله تعالى فالشبهةُ تُحدِثُ عياذاً بالله تعالى له إلتباس أى اختلاص وهذا الإختلاط يؤدى إلى الخروج عن المنهج القويم إلى طرائق شتى عياذاً بالله تعالى لذلك قال بعدها (ظاعناً) أى منتقلاً من مكانٍ إلى آخر ، لذلك البدو نقولُ منهم الظاعن أى ينتقل من مكانٍ إلى مكان بحثاً عن الماء والمرعى فظاعن أى منتقل من مكانٍ إلى مكان ، منتقل من قولٍ إلى قول ، منتقلٌ من مذهبٍ إلى مذهب عياذاً بالله تعالى وهذا هو مذهبُ أهل الكلام ألا وهوالحيرةُ والشك عياذاً بالله تعالى والله لو تكلمنا عن هذا الموضوع ما أنتهينا ولكن أريدُ أن أنبه بمناسبة هذه الكلمة البسيطة أن علم الكلام عياذاً بالله تعالى من أشر ما أُبتليت به البرية وكلُ من تبع هذا العلم لابد وأن يصل إلى مرحلة الشك ، أن يصل إلى مرحلة الحيرة ، أن يصل إلى الإلحاد، أن يصل عياذاً بالله تعالى إلى الإنتحار ، لذلك لا تجد أحداً قط من أهل السنة زكى هذا العلم أبداً ولكن الكلُ يصفه بالزندقة عياذاً بالله تعالى ، انظر ماذا يقول النووى رحمه الله فى المجموع المجموع الأول ناقلا عن الشافعى رحمه اللهأنه قال (لأن يلقى اللهَ العبدُ بكل ذنبٍ ما خلا الشرك خيرٌ من أن يلقاهُ بشىءٍ من الكلام)

انظر إلى خطورة هذا الكلام يعنى كلُ ذنب كلُ كبيرةٍ ترتكبها لا سمح الله هى أهونُ عند الله عز وجل أن تقابل الله عز وجلبهذا المذهب العفن الذى يُنمى عن دغلٍ عظيم فى كلِ من دخل فيه بلا استثناء، لذلك والله لو نقلتُ الكلام عن هؤلاء لتعجبون كيف سُمىَّ هذا فخر الدين وكيف سُمىَّ هذا حجة الإسلام وكيف سُمىَّ هذا شمس الدين وهم عياذاً بالله قبل توبتهم أشرُ من إبليس على أمةِ محمدٍ صلي الله عليه وسلم  وأنهم بأىِ وجهٍ من الوجوه لم يصلوا إلى مرتبةِ ابليس فإن ابليس يعلم أن هناك رباً حكى الله عز وجل عن إبليس ذلك فى أكثر من موضعٍ حيث قال ( إنى أخاف الله رب العالمين ) ( قال فانظرنى إلى يوم يبعثون) ابليس الذى قال هذا فلم يكن فى شكٍ من وجود الله عز وجلفى أى لحظةٍ من اللحظات ، انظر ماذا يقول احمد رحمه الله(لا يُفلح صاحب الكلام أبداً، ولا تكادُ ترى أحداً نظر فى الكلام إلا وفى قلبه دغل) وقال فى موضع آخر (علماءُ الكلام زنادقة) هكذا نصُ لفظه رحمه الله، وقال مالك رحمه اللهلمن يزعمُ أن علم الكلام فيه فائدة (أرأيت إن جاءه-هذا الذى أنتحل رأياً أو مذهباً- من هو أجدلُ منه –يعنى واحد بيجادل أكثر منه- أيدع دينهُ كل يومٍ لدينٍ جديد-لو جاءه مُجادل أكثر منه حركه من مذهبه إلى مذهب آخر وهلم جرا فى سلسلةٍ لا تنتهى أبداً) ، ويقول أبو يوسف رحمه اللهتلميد أبا حنيفة رحمه اللهالأول ( من طلب العلم بالكلام تزندقَ) قلتُ ولابد ومثالُها الرازى قبل أن يتوب هو الذى ألف كتاباً فى جواز عبادة الكواكب والنجوم ، كتابهُ فى التفسير محشو بالسحر عياذاً بالله تعالى كما هو معلوم وقال الحسن رحمه الله

(لا تجادلوا أهل الأهواء ولا تجالسوهم ولا تسمعوا منهم ) وقال ابن حجر رحمه الله(علمُ الكلام سبيل الإلحاد) ويخرج علينافى هذا الزمان من يقول (من لم يتعاطى علم الكلام سيصلُ إلى الإلحاد) وماذا تقولُ يامسكين فى هذا الكلام من الأئمة؟!!

 ابن حجر رحمه اللهيقول (علمُ الكلام سبيل الإلحاد) ومن قبل مالك ومن قبله احمد ومن قبله الشافعى رحمه الله وقال ابن حجر رحمه اللهفى موضعٍ آخر (علمُ الكلام أفضى بأهله إلى الشكِ والإلحاد) واللهٍ إنه أمرٌ عجيب بل والله أحدُ أعمدة النقشبندية وهو صوفىَّ محمد بن عبد الله الخانى النقشبندى يقولُ كلمة غريبة فى كتابه (البهجة السنية فى آداب الطريقة النقشبندية) ص14 انظر كتب وصية (عليك بإعتقاد أهل الحديث وأجهد أن تكونَ منهم فإنهم هم ورثة الأنبياء وإياك وتقليدَ أهل الكلام فإنهم ملعنةُ الشيطان) كلامهُ بل الغزالى عندما تاب ذكر فى إحياء علوم الدين وما فيه من طامات وكفريات صريحة عياذاً بالله تعالى المجلد الأول ص 95 قال ما نصه (لا يُفلحُ علماء الكلام علماءُ الكلام زندقة) أمرٌ فى غاية الخطورة نسألُ الله السلامة والعافية، إذاً قولُ ابنُ عباسٍ (من طلب دينه بالقياس قد سبق زمانه) قبل أن ينتقل علم الكلام إلى ساحة الدولة الإسلامية ، قلتُ يُستفادُ من كلام ابن عباس (من طلب دينه بالقياس ) أن عندنا شُبهة وشهوة وأنا أسأل الشُبهة سببها ماذا؟ الجهل ، والشهوة سببها ماذا؟ عدم الصبر ، إذاً جماعُ الشر عياذاً بالله تعالى الجهلُ وعدم الصبر ، إذاً لو أردتَ أن تصلَ إلى جِماع ضدهما ضد الجهل العلم وضد عدم الصبر الصبر ، إذاً جماعُ الخير العلم والصبر ، لذلك نجد أن الله عز وجل نزه نبينا صلي الله عليه وسلم (انقطع الصوت )

خيرُ الكلامَ ما قل ودل ، عرفتُ ربى بربى أى لما عرفَنى لما عرفَنى المولى عز وجلبنفسه عرِفتُه عز وجل جوابٌ سهل وهذا يسوقك إلى الكلمة الخبيثة التى هى متداولة بين الناس (ربنا عرفوه بالعقل ) عقل ماذا يامسكين ؟ عقل ماذا الذى تدعيه ، إذاً يومَ أن كنتَ فاقداً للعقل إذاً لا رب لك وطبعاً لما ولدت إلى قبل الحُلمَ بكثير أنت فاقدٌ للعقل ، إذاً أنت لا تعرفُ الرب ، إذاً ما فائدةُ الفطرة أمرٌ فى غاية الغرابة ، كلمات نرددها دون أن نتحرى ما فيها من  الحق والباطل فتكونُ النتيجة كما ترى ، قلتُ أطولُ النفس الذى يُؤكدُ هذه القضية لولا اللهُ ما عرفنا الله  عز وجل أن عبد الرحمن بن أبى حاتم  ابو حاتم عالم الجرح والتعديل الكبير ركن من أركان الجرح والتعديل سئُل عبد الرحمن عن رجل يقول عرفت الله بالعقل والإلهام هكذا سئله سائل عن رجل يقول ذلك ، انظر ماذا يقول ؟

قال عبد الرحمن هو مبتدع عرفنا كل شىء بالله ، إذاً كلُ أهل الكلام مبتدعة ضُلال والطريقة التى يدعون أنها توصلهم لإثبات البارى عز وجل لا تصلُ بهم إلى عين المطلوب إنما تصلُ بهم إلى قدر مشترك وهو جنسُ المطلوب كما بينتُ ذلك آنفاً ، قلتُ إذاً سلف الأمة كُلهم يقولون لولا أن الله عز وجلعرفنا على نفسه ما عرفناه عز وجل ،قلتُ بل والله لولا أن الله عز وجلعرفنا على بقية العوالم ما عرفناه أما قال تعالى (وعلم آدم الأسماء كلها ) فهذا إنس وهذا جن وهذا ملائكة وهذا نبات وهذا جماد وهذا حيوان وهذه ماء وهذه يابس كل ُ شىءٍ تعلمه آدم وعلم آدم الأسماء كلها فأى أحدٍ يرديُ أن يدعىَّ أنه لم يعلم أن الذى فى البحر أسمهُ حوت وهذا كذا وهذا كذا دون أن يراه وبمجرد أن يرى الصورة تنطبق على الاسم الذى علمه الله فنطق به أتعجبون ؟ كيف تعجبون وأنت بالبصمة جماد يعرفك ببصمة الوجه جماد يعرفُك فما العجبُ فى ذلك الله عز وجليقول (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ) [سورة النمل:16]

 إذاً الطير له منطق منطق يعنى ماذا؟ يعنى يتكلم شئت أم أبيت وعدم علمك بكيفية كلامه هذا ليس نفياً للعقل بل الهدهد جاء فكلم سليمان بأن ملكة سبأ وقومها يسجدون للشمس من دون الله عز وجليتعجب الهدهد من ذلك فما العجب أن نعلمَ كل الأسماء؟! لذلك لى مع هذه الكلمة الخبيثة (عرفت الله بالعقل والإلهام ) وقفة أو وقفتين

فأقولُ

الوقفة الأولى

قوله بالعقل كلمة خطيرة جداً كل ما تكلم رجل من أهل البدع يقول لك أنتم ناس لا تستعملون عقولكم طيب هل تستعملُ أنت عقلك ؟ أنت جاهل لا تدرى معنى العقل أصلاً بل والله لا تدرى أين العقل؟ وهذه مسائل كبيرة ، لذلك سأقف وقفة سريعة سل هذا المخبول الذى يقول لك أنا أعتمدُ العقل قل له العقل عقلان عقلٌ مطلق وعقلٌ مقيد فماذا تقصدُ أو ماذا تريدُ أن تصب لفظ العقل أتريد العقل المُطلق أم تريدُ العقل المُقيد سؤال وجواب ؟

 فإن قال لك أريدُ العقل المطلق عياذاً بالله تعالى فاعلم أنه من أجهل خلق الله وأنه عياذاً بالله تعالى يُنسب إلى أنه مخبول وأحمق فضلاً أن يُنسب إلى من عنده مسكة عقل قد يقول القائل لما؟ لأننا إذا قُلنا العقلُ المُطلَق فالعقل المطلق لا وجود له فى الأعيان لا مستقلاً ولا فى ذات يعنى ماذا؟

يعنى الله عز وجللم يخلُق عقلاً كائن هذا الكائن عقل إذا أردتُ أن أستخدمه استخدمته وإذا اردت أنت أن تستخدمه استخدمته بالله عليكم لو كان هذا حقيقةً ما معنى فريقٌ فى الجنة وفريقٌ فى السعير؟

لا معنى له لأن العقل أنا استخدمه وأنت تستخدمهُ إذاً إما كلُ الفريق فى الجنة وإما كلُ الفريق فى النار نسألُ الله السلامةَ والعافية لأنه لا مجال للإختلاف فإنه عقلٌ واحد ولا فى الذوات يعنى الله عز وجللم يخلق لى عقلاً بإمكانيات هو نفسُ عقلِكَ بنفسِ إمكانيتِك فإمكانياتُك أنتَ أعلى من إمكانياتى هذه أرزاق يرزُقها الله عز وجللمن يشاء ، نعم هناك أسباب لابد وأن نأخذ بها لتنمية ما سبق لا لإنشاء مالم يكن موجوداً فانتبه إلى هذا المعنى فإنه مهم ، إذاً ما بقىَّ لهؤلاء الجُهال إلا أن يقولوا نريدُ العقلَ المُقيد قل له صدقتَ عقلُ مصطفى عقلُ أحمد عقلُ اسلام عقلُ امجد عقل فلان وفلان وفلان هذا هو الصواب كلامٌ جميل أنا أسأل العقولُ متفقةٌ فى الإدراك أم مُختلفة ؟ إن قلتَ متفقة أنا أنصحكَ تذهب لمستشفى المجانين وإن قلتَ مختلفة هذا هو الحق الذى لا ريب فيه يشهدُ له النص من الكتاب ومن السنة ومن صريح المعقول والواقع يشهدُ بذلك طالما أن العقلَ مختلفٌ بينى وبينك فإن كان العقلُ حجةً إذا ما توصلتُ به بعقلى هو الحق وما توصلتَ أنتَ به بعقلِك هو الحق وقد يكون الذى توصلتُ إليه ضدُ ما توصلتَ إليه إذاً آل الأمرُ إلى ماذا؟ إلى اجتماع النقيضين يعنى صحة النقيضين وهذا لم ينطق به حتى الأشاعرة أنفسهم يقولون بأن النقيضين لا يجتمعان، أمرٌ فى غاية الخطورة نسأل الله السلامة والعافية.

قد يقولُ القائل إذاً أنتم تُعطلون العقل جواب سؤال قلتُ أولاً لابد وأن تفهم قضيةً كبيرة ما هذه القضية؟

 القضية أن العقل آلة مثل المنشار آلة المفك آلة المفتاح آلة وأنا أسئل الآلة تعملُ فى نفسها أم تعملُ فى غيرِها؟

انتبه لهذا الكلام المنشار يعمل فى نفسه أم عندما نأتى لها بخشبة تعمل بها ، إذاً الآلة تعملُ فى ماذا؟

الآلةُ تعملُ فى غيرِها ، المفتاح يعملُ فى الكالون ، الأسنان تعملُ فى القطع والطحن،اليد تعملُ فى البطش ، القلب يعملُ فى الإستنباط وفى التفكر وفى التدبر ، نعم ، إذاً تبينَّ لنا أن العقلَ آلةٌ وهذا نص كتاب الله عز وجلوليس بكلامِنا من شىء اللهُ عز وجليقول (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [سورة النحل:78]

إذاً الأصلُ فينا أننا جُهال (وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ)

السمع يُدخلُ المسموعات وتذهبَ للقلب ، البصر نعم المرئيات وتدخل إلى القلب ، والقلبُ هو المطبخ يخلطهم ويفصصهم ويُخرج لنا الأحكام ، إذاً فى حقيقةِ الأمر أين العقل؟

هنا محل التدبر (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) [سورة محمد:24]

القلبُ هو محِل التدبر (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) [سورة النساء:82]   

فالتدبرُ هنا محِله ماذا ؟

القلب 

إذاً كما قُلنا بأن العقلَ آلةٌ تعملُ فى غيرِها هنسأل الآن كما يعمل المنشار فى الخشب وكما تعمل اليد فى البطش وكما عملت الأسنان فى كذا ومثل المعدة عملت فى كذا أنا أسأل العقلُ يعملُ فى ماذا؟

 قُلتُ هنا بان الحقُ من الباطل أهلُ السنة والجماعة يقولون تعملُ فى النصوص الشرعية تعملُ فى كتابِ الله وفى سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم يدخلُ العقل فيُقطعَ هذه النصوص ويصلُ هذه بهذه وهذه بهذه فيُخرجُ حكماً شرعياً ونحنُ نسألُكم أيها المُبتدعة الضُلال الذين تزعمون أنكم من ذوى الحجى والعقول

نسألكم سؤال لكم عقول ؟

تقولون نعم

تعملُ فى ماذا؟

الجواب عندكم لا أنتم تقولون أن الأخذُ بظواهر كتاب الله أصلٌ من أصول الكفر وتقولون لا يحلُ أن نعمل بالسنة ونثبتُ بها العقيدة كلامكم كلامكم إذاً عقولكم تعمل فى ماذا؟

عقولنا تعمل فى وحى الرحمن فعقولكم تعملُ فى وحى الشيطان أتدرون من هم ؟

افلاطون وفيثاغورس واراسطو وسقراط وغيرهم من الضُلال من الملاحدة ومن الصابئة ومن الزنادقة ومن الفلاسفة ومن المناطقة وغيرهم فعقولكم تعملُ فى هذا الوحى الشيطانى فأىُ الفريقين أحقُ بالأمن ؟

 أخبرونى أى الفريقين أحقُ بالآمن الذين اعترفوا بنعمة الله وشكروه عليها وهى العقل واستخدموها فى الوحى الذى نزل أم فى عقولكم التى كفرتم بها عياذاً بالله تعالى لذلك بالجملة لأنه يوجد أشياء فى الحقيقة صعب جداً أن نتجاوزها تقريباً فى سنة 1982 قرأتُ كتاب يُسمى بقصص الأنبياء مؤلف الكتاب اسمهُ عبد الوهاب النجار من علماء الأزهر بدءاً ذى بدءٍ نصيحة لله عز وجللا تقرأ مثل هذا الكتاب ولو وقع فى يدك أقل شىء تفعلهُ فيه أن تحرقه أنا أدرى قد ينزعج بعض الناس ولكن فى الحقيقة هذا الرجل فيه من العتو وفيه من التصلط والتجبر مالا يُمكن أن يُعقل حتى أنه كان يتباهى فى مقدمة الكتاب أن ما سيذكره فى جريدة التايمز الامريكية صوروه ووضعوه على الغُلاف ستدخل به الجنة يامسكين هو حجة عليك يوم القيامة ولو عندك مسكة عقل لو مدحك أمثال هؤلاء لشككت فى نفسِك (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) [سورة البقرة:120]

منذُ متى هؤلاء يمدحون عالماً من علماء المسلمين ؟

 انظر ماذا يقول هذا الرجل فى مقدمة كتابه ؟

يقول هذه البنود أولِها قواعدهُ التى بنى عليه قواعده أن العقلَ المصدرُ الأول للتشريع منتبهين للكلام نحنُ عندنا مصدر أول للتشريع ماذا؟

 كتاب وسنة هذا فى باب الإستنباط فى باب الترتيب والإستدلال كتابٌ ثم سنة على تفصيل بينته فى اصول الفهم حيثُ فرقتُ بين ترتيب الاستنباط وترتيبُ الاستدلال يقولُ الرجل أن العقلَ المصدرُ الأول للتشريع انتبه فما اجازه العقل فهو الجائز وما اباحه فهو المُباح وما حرمهُ فهو المُحرم اعطونى عقلكم لما الكتابُ لما السنة لما الأنبياءُ أصلا لما الرسلُ أصلاً ؟

 هذا الذى يتباهى بأن مجلة تايميز وضعته على الغلاف انظر ماذا يقول فى البند الثانى ؟ أن كل حديثٍ يُخالفُ العقل فهذا الحديثُ لابد وأن يترك تلقيه فى صندوق القمامة لابد وأن يُتركَ للعقل وكلُ آية تخالفُ العقل لابد أن تؤؤل لتوافقَ العقل إذاً ما فائدتها ما فائدةُ الآية ؟

ما فائدةُ الحديث ؟

ما فائدة المرسلين؟

لا شىء بل الله عز وجلبعثهم إلينا ليُضلونا وأرسل إليهم الكتاب والسنة ليُضلوا من أرسل إليهم ولا مخلص من هذا هذا هو دينهم الذى يتعبد الله عز وجلبه ثم انظر إلى الطامةُ الكبرى لما جاء يتكلم عن آدم عليه السلام انتم طبعا تعرفون أنه يوجد مخبول اسمه دارون يقول ان اصل الإنسان قرد طيت أنت ارتضيت إن امك تكون الغوريلا وان ابوك يكون شامبنزى مالنا نحنُ !! أنا أبويا آدم وأمى حواء بنص كتاب الله وبنص سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم انظر ماذا يقول هذا الرجل قال بأن دارون الذى قال بأن أصل الإنسان قرد كتب فى شرح هذا الكلام عبد الوهاب النجار فلو اثبت العلمُ أن اصل الإنسان قرد وجب علينا أن نُطوع الآيات بما يوافق العلم فنُطوع التراب نجعلهُ قرداً لأن الله عز وجلقالها صراحاً بأننا خُلقنا من التراب وأنا أسأل تُطوع التراب وتجعله قرداً متى كان التراب قرداً وفى أى لغةٍ هذه ؟ لا تنزعجوا من الإنفعال فإن فى جعبتى الكثير والله احبسُ معلومات فى غايةِ الخطورة هذا مثلَ ثم نقول لما ينحرفُ الشباب إلا من رحم الله إلى ضد هذا هذا فى الشمال وهذا فى الشمال لماذا؟

 أليس هؤلاء العلماء الذين يتم تصديرهم وأمثالهُم هؤلاء هم العلماء كلُ هذا أو كلُ هذا الكلام الذى قاله ناتج العقل المزعوم وكما قلتُ آنفاً العقلُ محلِهُ القلب وإن شئت برهان ذلك فعليك بمحاضرات العقلُ ومكانته فى التشريع.

الوقفة الثانية

 قوله (والإلهام) قلتُ إما المراد بالإلهام الوحى بأى صورة من صوره المعروفة هذا ضلالٌ مبين لما؟ لأن المسألة مشتركة بين الخلق نريدُ أن نثبت وجود الله عز وجلفلو كنتَ تقصُد بالإلهام الوحى يعنى بينزل عليك وحى وبينزل علىّ وحى إذاً أين الأنبياء منا وهذا التعريف مما لا شك فيه لا يلزم وإما أن المقصودَ أنه مُحدثَ يعنى الذى يتكلم يقول أنا مُحدث عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما قال صلي الله عليه وسلم ( لو كان فى الأمة محدُث لكان عمر) قطعاً المسألة مسألة مشتركة بين الخلق فما يصلح فيها الإختصاص بأى وجهٍ من الوجوه.

 عوداً إلى القضية الكُبرى سُئل شيخاً عن البراهين التى تدلُ على وجود الرب سبحانه وتعالى فأجاب بهذه الكلمات الرائعة قالوا الناس سألته أئتينا ببراهينَ فقلتُ لهم آنا يقومُ على البرهان برهانُ يعنى أنت تسألون تريدون برهان على الرب إن كان الله عز وجلهو البركان على كل شىء هو الدليل على كل شىء هو الذى يدلُ على كل شىء وهذا عينُ جوابَ ابن تيمية رحمه الله لما سُئل هذا السؤال قال كيف يُطلبُ الدليلُ على من هو دليلٌ على كلِ شىء ؟ كيف يُطلب؟ ثم تمثلَ بقولِ الشاعر

وليس يصحُ فى الأذهان شىءٌ    إذا احتاج النهارُ إلى دليلٍ

تأتى والشمسُ فى رابعة النهار تقولُ لى نحن فى النهار أم الليل؟

 هذا كلام خطير خلاصة الكلام طبعاً قد يتوهم المُتوهم كما سبق أننا نُهملُ دورُ العقل هذا كلام باطل وقد بينتهُ ولكن الذى أؤكدُ عليه أن الأصل فى الإنسان أنه جاهلٌ ما الدليل؟

 قول الله تعالى (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً ) (وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة )

 آلات إزالةُ الجهل تسمع فتدخل المسموعات على القلب ترى تدخل المرئيات على القلب القلب المطبخ يستنبط الأحكام وينشرها بين الخلقِ إذاً العقلُ آلة تعملُ فى النصوص الشرعية لتستخرج لنا الأحكام الشرعية العملية أو العلمية قال تعالى (إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون) فهذا هو مذهبُ السنةِ والجماعة أنهم يستدلون بالله على الله أما أهلُ البدع عياذاً بالله تعالى أهلُ الكلام يستخدمون عقولَهم فى كلام الزنادقة والفلاسفة والمناطقة حتى قال إمامهم الرازى بل الإمامُ أفلاطون ما بقى إلا أن يكون تقي الله افلاطون المُلحد إذاً يستعملون العقل ولكن فيما لم يشرعهُ اللهُ عز وجلالأشاعرةُ ومن تحتهم يُنكرون أن السمعَ يدلُ على وجود الله وقد ذكرتُ فيما سبق قول ابى المعالى الجوينى وأبى حامد الغزالى وأبى منصور الماتريدي وغيرهم ولكن أنا سأذكرُ الآن قول أبى منصور الماتريدى لما؟

لأن هذا الرجل صرح تصريحاً يُثير حفيظة أى أحد يقول (والأصلُ أن الله إذ لا سبيل إلى العلمِ به إلا من طريقِ دِلالة العالم عليه) يعنى لا يُمكنَ تتعرفَ على الله لا بالشرع ولا بالفطرة ولا بالإستدلال بالله على الله ولا بمعجزة الرُسل ولا بالإجماع ولا بالقياس العقلى الذى سيأتى فى آخر البحث كلُ هذا طيب يُكملُ (بإنقطاع وجوهُ الوصول إلى معرفته من طريق الحواس أو شهادة السمع) ضع فوقها مئة ألف خط شهادة السمع!! يعنى بيقول لا كتاب ولا سنة من المُممكن أن تستدل بهم على وجود الله عز وجلاخبرونى عن هؤلاء ويخرج مسكين منهم يقولُ بالحرفِ الواحد وهذا يُنمى عن كذبهِ أو تدليسهِ أو عن جهله الفاضح يقول بأن أهل السنة والجماعة هم الأشاعرة والماتريدية ياراجل الماتريدية جميعُهم لا يُجوزون الصلاة خلفكم يبقى أنتم الأثنين أهل السنة الماتريدية كثيرٌ منهم يكفرونكم فأخبرونى كيف الأشاعرة والماتريدية هم أهلُ السنة وأبو حنيفة وأحمد ومالك والشافعى وقبلهم التابعون وقبلهم الصحابة أجمعون وقبلهم نبينا صلي الله عليه وسلم وقبله جميع الأنبياء والرسل مع من؟

 مع افلاطون.

أكتفى بهذا القدر وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وجزاكم الله خيراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.