مسند أبي إسحاق سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه 1
حدثنا عفان، حدثنا وهيب، حدثنا أيوب، عن عمرو بن سعيد، عن حميد بن عبد الرحمن الحميري، عن ثلاثة، من ولد سعد، عن سعد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليه يعوده وهو مريض، وهو بمكة، فقال: يا رسول الله، قد خشيت أن أموت بالأرض التي هاجرت منها كما مات سعد ابن خولة، فادع الله أن يشفيني. قال: " اللهم اشف سعدا، اللهم اشف سعدا، اللهم اشف سعدا " فقال: يا رسول الله، إن لي مالا كثيرا وليس لي وارث إلا ابنة. أفأوصي بمالي كله؟ قال: " لا ". قال: أفأوصي بثلثيه؟ قال: " لا ". قال: أفأوصي بنصفه؟ قال: " لا " قال: أفأوصي بالثلث؟ قال: " الثلث، والثلث كثير، إن نفقتك من مالك لك صدقة، وإن نفقتك على عيالك لك صدقة، وإن نفقتك على أهلك لك صدقة، وإنك أن تدع أهلك بعيش - أو قال بخير - خير من أن تدعهم يتكففون الناس "
قَوْلُهُ "وَلَيْسَ لِي وَارِثٌ " : أَيْ : مِنْ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ ، أَوْ مِنَ الْوَلَدِ ، أَوْ مِنَ النِّسَاءِ ، أَوْ مِمَّنْ يُخَافُ عَلَيْهِ الضَّيَاعُ ، وَإِلَّا فَقَدْ كَانَ لَهُ عَصَبَاتٌ ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ : "إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ " .
"قَالَ : الثُّلُثُ " : قِيلَ : - بِالنَّصْبِ - عَلَى الْإِغْرَاءِ ، وَبِتَقْدِيرِ : أَعْطِ ، أَوْ - بِالرَّفْعِ - بِتَقْدِيرِ : يَكْفِيكَ .
"وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ " : أَيْ : كَافٍ فِي الْمَطْلُوبِ ، أَوْ هُوَ كَثِيرٌ أَيْضًا ، وَالنُّقْصَانُ عَنْهُ أَوْلَى ، وَإِلَى الثَّانِي مَالَ كَثِيرٌ .
"إِنَّ نَفَقَتَكَ مِنْ مَالِكَ " : أَيْ : عَلَى نَفْسِكَ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْمُقَابَلَةُ بِمَا بَعْدَهُ ، وَهَذَا بَيَانٌ لِبَعْضِ مَنَافِعِ الْمَالِ الْمَانِعَةِ مِنْ صَرْفِ كُلِّهِ مَرَّةً .
"أَنْ تَدَعَ " : - بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ - مِنْ قَبِيلِ : وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ [الْبَقَرَةُ : 184] ، وَجُوِّزَ الْكَسْرُ - عَلَى أَنَّهَا شَرْطِيَّةٌ ، وَ"خَيْرٌ" بِتَقْدِيرِ : فَهُوَ خَيْرٌ : جَوَابُهَا ، وَحَذْفُ الْفَاءِ مَعَ الْمُبْتَدَأِ مِمَّا جَوَّزَهُ الْبَعْضُ ، وَإِنْ مَنَعَهُ الْأَكْثَرُ .
"يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ " : أَيْ : يَسْأَلُونَهُمْ بِأَكُفِّهِمْ .