‌‌مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه247

مسند احمد

‌‌مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه247

حدثنا وكيع قال: حدثني علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبي مطيع بن رفاعة، عن أبي سعيد الخدري، قال: قالت اليهود: العزل الموءودة الصغرى، - قال أبي: وكان في كتابنا أبو رفاعة بن مطيع فغيره وكيع، وقال: عن أبي مطيع بن رفاعة - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " كذبت يهود إن الله لو أراد أن يخلق شيئا لم يستطع أحد أن يصرفه " (4)

مَقادِيرُ جَميعِ الخَلائقِ بيَدِ اللهِ وحْدَه؛ فهو علَّامُ الغُيوبِ، وعلى المسلِمِ أنْ يتوَكَّلَ على اللهِ ويأخُذَ بالأسبابِ، ثمَّ يُفَوِّضَ أمْرَه إلى اللهِ تعالى.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنهما: "قُلْنا: يا رسولَ اللهِ، إنَّا كنا نَعزِلُ"، والعزْلُ: أنْ يَنزِعَ الرَّجُلُ ذكَرَهُ إذا قارَبَ الإنْزالَ أثناءَ مُجامعتِه المرأةَ، ويُنْزِلَ خارِجَ الفَرْجِ؛ لئلَّا يَحدُثَ الحمْلُ، "فزَعَمَت اليهودُ"، أي: ادَّعتِ اليهودُ، وهم يهودُ المدينةِ الَّذين كانوا يُجاوِرون الأنصارَ، "أنَّه المَوؤودةُ الصُّغرى"، وسَمَّوْها الصُّغرى؛ تمييزًا لمعنى الوأْدِ عندَ الإطلاقِ وما كان يَفعَلُه العربُ قديمًا، وهو: دفْنُ البِنتِ حيَّةً؛ خشيةَ الفقرِ والعارِ، والمعنى: أنَّ اليهودَ زعَموا أنَّ العزلَ نوعٌ مِن الوأْدِ؛ لأنَّ فيه إضاعةَ النُّطفةِ الَّتي أعدَّها اللهُ تعالى ليكونَ منها الولدَ، وسعيًا في إبطالِ ذلك الاستعدادِ بعَزْلِها عن مَحلِّها، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "كذَبَتِ اليهودُ"، أي: في زعْمِهم، "إنَّ اللهَ إذا أراد أنْ يَخلُقَه"، أي: الولدَ ويُسبِّبَ الحمْلَ، "لم يَمنَعْه"، أي: لم يَمنَعِ العزلُ الولادةَ، أو أيُّ وسيلةٍ أُخرى؛ وذلك لأنَّه قد يكونُ مع العزلِ إفضاءٌ بقليلِ الماءِ الَّذي قَدَّرَ اللهُ أنْ يكونَ منه الولدُ، وقد يُوجَدُ الإفضاءُ ولا يكونُ ولدٌ؛ فالعزلُ أو الإفضاءُ مُتساويانِ في ألَّا يَكونَ مِنه ولدٌ إلَّا بتَقديرِ اللهِ تعالى( ).