مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه425
مسند احمد
حدثنا يحيى، ووكيع، عن زكريا، حدثني عامر، قال: كان أبو سعيد ومروان جالسين، فمر عليهما بجنازة، فقام أبو سعيد، فقال مروان: اجلس. فقال أبو سعيد: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام " فقام مروان وقال وكيع: " مرت به جنازة، فقام " (2)
على المسلِمِ أن يكونَ دائمًا في يَقَظةٍ لأوامرِ اللهِ عزَّ وجلَّ؛ فما يَحدُثُ حولَه مِن علاماتٍ وحوادثَ ما هي إلَّا لمزيدِ تَذكيرٍ بعظَمةِ اللهِ عزَّ وجلَّ وقدرتِه، لا يُمكِنُ له أن يَغفُلَ عنها.
وفي هذا الحديثِ يقولُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنهما: "كنَّا مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذ مرَّت بنا جِنازةٌ، فقام لها"، أي: وقَفَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عندَ مُرورِ الجِنازةِ دونَ أن يَسألَ عنها، ولم يَعرِفْ هل هي لمُسلمٍ أو غيرِ مسلمٍ، والجِنازةُ: اسمٌ للميِّتِ في النَّعْشِ، قال جابرٌ: "فلمَّا ذهَبْنا لِنَحمِلَ"، أي: لِنَحمِلَ الجَسدَ الميِّتَ معَ المشيِّعين "إذا هي جِنازةُ يهوديٍّ"، أي: هذا الجسدُ الميِّتُ، وهذه الجِنازةُ ليَهوديٍّ وليست لِمُسلمٍ، فبيَّن لهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ الأمرَ عامٌّ، وليس يخُصُّ شخصًا ولا دينًا، فقُلنا: "يا رسولَ اللهِ، إنَّما هي جِنازةُ يهوديٍّ؟ فقال: إنَّ الموتَ فَزَعٌ"، أي: الموتُ فيه خوفٌ؛ "فإذا رأيتُم جِنازةً فقُوموا"، أي: فقوموا تَعظيمًا لأمرِ الموتِ وما فيه مِن خوفٍ وأهوالٍ؛ والجِنازةُ تُذكِّرُ ذلك، وليس القيامُ تَعظيمًا للميِّتِ.
وقد ورَد حَديثٌ آخَرُ عن عليِّ بنِ أبي طالِبٍ رضِيَ اللهُ عنه يُفيدُ نَسْخَ هذا الحُكم، وفيه: "أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قام في الجنائِزِ ثمَّ قعَدَ بْعدُ"؛ وهذا يدلُّ على نَسْخِ القيامِ للجِنازةِ وأنَّه كان في أوَّلِ الأمرِ، ثم قعَدَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بعدَ ذلك، والعِبرَةُ للآخِرِ من أحوالِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ.