مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه475
مسند احمد
حدثنا يعلى، حدثنا إدريس الأودي، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن أبي سعيد يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ليس فيما دون خمسة أوساق زكاة، والوسق ستون مختوما " (1)
الزَّكاةُ حقُّ اللهِ في أَموالِ الأَغنياءِ، ولكنْ لَيسَ كلُّ مالٍ يُخرَجُ منهُ زَكاةٌ، وقد بيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم في سُنَّتِه أَنصِبةَ الزَّكاةِ في أَنواعٍ مُختلِفةٍ مِنَ الأَموالِ، وما دُونَها ليس فيه زَكاةٌ، وفي هذا الحديثِ بيانُ بَعضِ ذلك، حيثُ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "ليس فيما دُونَ خَمسةِ أوْساقٍ زَكاةٌ، والوَسْقُ سِتُّونَ مَختومًا"، والوَسْقُ: الحِملُ، وكلُّ شيءٍ وَسَقْتَه فقد حمَلْتَ، والوَسْقُ مِكيالٌ يَسَعُ ستِّينَ صاعًا تامًّا، وهو الصاعُ المَختومُ، أي: المُعَلَّمُ بخاتَمٍ في أعلاه، فهو مِكيالٌ صالحٌ بعَينِه للكَيلِ، وإنَّما سُمِّيَ مَختومًا؛ لأنَّ الأمراءَ جعَلَتْ علَى أعلاه خاتَمًا مَطبوعًا؛ لئلَّا يُزادَ فيه، ولا يُنقَصَ منه، فهو مِعيارٌ ثابتٌ ومُحدَّدٌ ومَعروفُ الحَجمِ عندَ جَميعِ الناسِ، وهذا فيه مِن العَدلِ ما لا يَخْفى. والوَسْقُ يُعادِلُ بالموازينِ الحَديثةِ حَوالي مِئةٍ وثَلاثينَ كيلوجرامًا ونِصفًا (130. 5 كجم)؛ وعليه فإنَّ خَمسةَ أوسُقٍ تُعادِلُ ثلاثةً وخَمسينَ وسِتَّ مِئةِ كيلوجرامًا تَقريبًا (653 كجم)، ولا زَكاةَ فيما هو أقَلُّ مِن خَمسةِ أَوسُقٍ مِنَ التَّمرِ، وما فَوقَها ففيهِ الزَّكاةُ، على أنَّ زكاةَ الزُّروعِ تَكونُ العُشْرَ ممَّا يَخرُجُ إذا كانت تُسْقى بماءِ المطَرِ أو مِن عُروقِ الأرضِ، ويُؤخَذُ منها نِصفُ العُشْرِ إذا كانتْ تُروى بآلةٍ أو بالمالِ، وذلك بعدَ خَصْمِ قيمةِ النَّفَقاتِ على الزُّروعِ، ثمَّ تُخرَجُ الزَّكاةُ ممَّا بَقيَ.
وفي الحَديثِ: بيانُ سَماحةِ الإسلامِ وعَفوِه عنِ المالِ القَليلِ، وبيانُ أنَّه لا زَكاةَ فيه.
وفيه: تَقديرُ أَنصِبةِ الزَّكاةِ في الثمَرِ.