مسند أبي هريرة رضي الله عنه 378

مسند احمد

مسند أبي هريرة رضي الله عنه 378

 حدثنا عبد الواحد، حدثنا شعبة، عن داود بن فراهيج، قال: سمعت أبا هريرة، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما زال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيورثه»

للجارِ حَقٌّ عَظيمٌ، وقدْ نَهى الشَّرعُ المُطهَّرُ عنِ الإضْرارِ به، كما حَرَصتْ شَريعةُ الإسْلامِ على العِتقِ، ويَسَّرتْ في أحْكامِه
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «ما زال جِبريلُ»، وهو الملَكُ الموكَّلُ بالوَحيِ، «يُوصِيني بالجارِ حتَّى ظنَنْتُ أنَّه يوَرِّثُه»، والمَقصودُ بالجارِ هو القَريبُ مِن الدَّارِ؛ ذا قَرابةٍ كان أو أجْنبيًّا، مُسلِمًا كان أو كافرًا، وتَتَفاوَتُ حُقوقُ كلِّ صِنفٍ؛ وذلك بعدَمِ إيذائِه، والإحْسانِ إليه، ورِعايةِ ذِمَّتِه، والقِيامِ بحُقوقِه، ومُواساتِه في حاجتِه، والصَّبرِ على أذاهُ، ولكَثرةِ ما أَوْصى جِبريلُ عليه السَّلامُ بالجارِ، ظنَّ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ اللهَ تعالَى سيُشرِكُ الجارَ في مِيراثِ جارِه
وقدْ نبَّهَ بذلك على أنَّ الحُقوقَ إذا تَأكَّدَت بالأسْبابِ فأعْظَمُها حُرمةُ الجِوارِ، وهو قُربُ الدَّارِ؛ فقدْ أُنزِلَ بذلك مَنزلةَ الرَّحمِ، وكاد يُوجِبُ له حقًّا في المالِ
وللجِوارِ مَراتِبُ، منها المُلاصَقةُ، ومنها المُخالَطةُ بأنْ يَجمَعَهما مَسجِدٌ، أو مَدْرسةٌ، أو سُوقٌ، أو غيرُ ذلك، ويتأكَّدُ الحقُّ معَ المُسلِمِ، ويَبقى أصْلُه معَ الكافِرِ
ثمَّ أخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ جِبريلَ عليه السَّلامُ ما زال يُوصِيهِ بالمَملوكِ -وهو العبدُ ذَكرًا كان أو أُنْثى- بالإحْسانِ إليه، حتَّى ظنَّ مِن كَثرةِ ما يُوصِيهِ عليه أنَّه يَأمُرُه بأعظَمِ أنْواعِ الإحْسانِ إلى المَملوكِ، وهو إطْلاقُه وتَحريرُه مِن العُبوديَّةِ، وظنَّ أنَّ جِبريلَ عليه السَّلامُ سيُحدِّدُ وَقْتًا للمَملوكِ وأجَلًا إذا بلَغَه المَملوكُ صار حُرًّا مِن غيْرِ أنْ يُعتِقَه سيِّدُه
وفي الحَديثِ: الحثُّ على الإحْسانِ إلى الجارِ، وبَذلِ المَعروفِ معَه
وفيه: الحثُّ على الإحْسانِ إلى المَملوكِ، والإرْفاقِ به، وتَرْكِ تَكْليفِه بما يشُقُّ عليه