مسند أبي هريرة رضي الله عنه 583

مسند احمد

مسند أبي هريرة رضي الله عنه 583

حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، أخبرني عمرو بن يحيى بن عمارة، أنه سمع القراظ - وكان من أصحاب أبي هريرة يزعم -، أنه سمع أبا هريرة، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أراد أهلها بسوء - يعني المدينة - أذابه الله كما يذوب الملح في الماء»

المدينةُ النَّبويَّةُ بُقعةٌ مِن الأرضِ مُبارَكةٌ، طَهَّرَها اللهُ مِن الأدناسِ، واختارَها لتَكونَ مُهاجَرَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، وحاضنةَ دَعوتِه، وأساسَ دَولتِه
وفي هَذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنَّ اللهَ سُبحانَه وتعالَى يُدافِعُ عن المدينةِ وأهلِها المؤمنِينَ الصَّالحينَ، ومِن ذلك: أنَّ مَن أرادَ أهلَ المَدينةِ بسُوءٍ وعزَمَ على إيذائهِم، أَذابَه اللهُ كَما يَذوبُ المِلحُ في الماءِ، وذَلك في الآخرَةِ، كما في صَحيحِ مُسلمٍ: «لا يُريدُ أحَدٌ أهلَ المدينةِ بِشَرٍّ، إلَّا أذابَه اللهُ في النَّارِ ذَوْبَ الرَّصاصِ»؛ فجَعَلَ العِقابَ في نارِ جَهنَّمَ. ويَحتمِلُ أنَّ المرادَ: أنَّ مَن أَرادَها في حَياةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كُفِيَ المُسلمون أَمْرَه، واضْمحَلَّ كيْدُه كَما يَضمحِلُّ المِلحُ في الماءِ، وقدْ يَكونُ ذَلك لِمَن أَرادَها في الدُّنيا عامَّةً، فَلا يُمهِلُه اللهُ، وَلا يُمكِّنُ له سُلطانًا، بل يُذهِبُه عن قُربٍ