مسند أبي هريرة رضي الله عنه 662
مسند احمد
حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، حدثني ابن أبي خالد يعني إسماعيل، عن أبي مالك الأسلمي، أن النبي صلى الله عليه وسلم «رد ماعز بن مالك ثلاث مرار، فلما جاء في الرابعة، أمر به فرجم»
الزِّنا مِن أعظَمِ الآثامِ الَّتي يرْتكِبُها الإنْسانُ، وهو مِن كبائرِ الذُّنوبِ في الإسْلامِ؛ حيثُ شدَّدَ اللهُ عُقوبَتَها في الدُّنيا والآخِرَةِ
وفي هذا الحَديثِ يقولُ الصَّحابيُّ الجَليلُ نُعَيْمُ بنُ هَزَّالٍ: "كان ماعِزُ بنُ مالِكٍ يَتيمًا في حِجْرِ أبي"، أي: في كَنَفِه ورِعايَتِه، "فأَصابَ جاريةً من الحَيِّ"، أي: زَنَى بأَمَةٍ منَ القَبيلَةِ، "فقال له أبي"، أي: قال هَزَّالٌ لِماعِزَ: "ائتِ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ"، أي: اذهَبْ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، "فأخبِرْه بما صنَعْتَ"، أي: اعتَرِفْ عنده بجريمَتِكَ، "لعَلَّه يَستغْفِرُ لكَ"، أي: لعلَّكَ تجِدُ عنده مَخْرجًا فيَسْتغفِرُ لكَ، "وإنَّما يُريدُ بذلك رَجاءَ أن يكونَ له مَخْرجًا"، أي: كان هزَّالٌ يَرجو أن يجِدَ ماعِزٌ عند رَسولِ اللهِ مَخرَجًا مِن إثْمِه وجريمَتِه، "فأَتاه"، أي: فأَتى ماعِزٌ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقال: يا رَسولَ اللهِ "إنِّي زنَيْتُ"، أي: وقعْتُ في جريمَةِ الزِّنا، "فأقِمْ عليَّ كِتابَ اللهِ"، أي: أقِمْ عليَّ حَدَّ الزَّاني، "فأعْرَضَ عنه"، أي: فأعْرَض رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم عن ماعِزٍ وصرَفَ نظَرَه عنه، "فعادَ"، أي: كرَّرَ ماعِزٌ مَقولَتَه، "فقال: يا رسولَ اللهِ، إنِّي زنَيْتُ فأقِمْ عليَّ كِتابَ اللهِ"، أي: إنِّي وقعْتُ في جريمَةِ الزِّنا فأقِمْ عليِّ حَدَّ الزَّاني، "حتَّى قالَها أربَعَ مِرارٍ"، أي: حتَّى اعتَرَفَ ماعِزٌ بالزِّنا أربَعَ مرَّاتٍ أمامَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "إنَّك قد قُلتَها أربَعَ مرَّاتٍ"، أي: إنَّك يا ماعِزُ اعترفْتَ وأقررْتَ بالزِّنا أربَعَ مرَّاتٍ، "فبِمَن"، أي: بمَن زنيْتَ يا ماعِزُ؟ "قال: بفُلانَةَ"، أي: ذكَرَ له الَّتي زَنى بها
ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم لماعِزٍ: "هل ضاجعْتَها"، أي: هل عاشَرْتَها معاشرَةَ الرَّجلِ لزَوجَتِه؟ "قال"، أي: ماعِزٌ: "نعم"، أي: عاشرْتُها مُعاشرَةَ الرَّجلِ لزَوجَتِه، "قال"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "هل باشَرْتَها"، أي: هل لمسَتْ بشْرتُكَ بشْرَتَها؟ "قال"، أي: ماعِزٌ: "نعم"، أي: لمسَتْ بَشْرتي بشْرَتَها، قال: "هل جامَعْتَها"، أي: هل حدَث بينكم الجِماعُ الَّذي يَحْدُث بين الرَّجلِ وزوْجَتِه؟ "قال"، أي: ماعِزٌ: "نعم"، أي: حدَثَ بيني وبينها جِماعٌ كما يَحدُثُ بين الرَّجلِ وزَوجَتِه، "قال"، أي: نُعَيمُ بنُ هزَّالٍ: "فأمَرَ بهِ أنْ يُرجَمَ"، أي: فأمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أصْحابَه أن يَذهبوا بماعِزٍ فيرْجُموه
قال: "فأُخرِجَ بهِ إلى الحَرَّةِ"، أي: فأخَذوه وخرَجوا بهِ إلى الحَرَّةِ؛ وهي مَكانٌ في أوَّلِ المدينَةِ، "فلمَّا رُجِمَ"، أي: فلمَّا بدَأَ رجْمُ ماعِزٍ، "فوَجَد مَسَّ الحِجارةِ"، أي: فلمَّا بدَأَ ماعِزٌ يُحِسُّ بألَمِ ضرْبِ الحِجارَةِ، "جَزِعَ"، أي: ضعُفَ وخافَ ولَانَ، "فخرَجَ يشتَدُّ"، أي: خرَجَ يَجْري ويهْرُبُ، فلَقِيَه عبدُ اللهِ بنُ أُنَيسٍ "وقد عجَزَ أصْحابُه"، أي: عَجَزوا عن اللَّحاقِ بماعِزٍ، "فنزَعَ له بوَظيفِ بَعيرٍ فرَماه بهِ فقَتَله"، أي: لَحِقَه عبدُ اللهِ بنُ أُنيسٍ ومعَه عظْمَةٌ مِن ساقِ البَعيرِ فرَماه بها فقَتَله، "ثمَّ أَتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ"، أي: أَتى نُعَيمٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، "فذَكَر ذلك له"، أي: فذَكَر نُعيمٌ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أمْرَ هُروبِ ماعِزٍ عندما وجَدَ ألَمَ رمْيِ الحِجارةِ، ولَحاقَهم بهِ، وقتْلَه، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "هلَّا ترَكْتُموه"، أي: لِمَ لَمْ تتْرُكوه ولمْ تقْتُلوه عندما هرَبَ؟! "لعَلَّه أن يَتوبَ فيَتوبَ اللهُ عليهِ"، أي: لعَلَّه صدَقَتْ نيَّتُه في التَّوبةِ فيتقَبَّلَ اللهُ منه توبَتَه فيَغْفِرَ له