مسند أبي هريرة رضي الله عنه 708
مسند احمد
حدثنا يزيد، أخبرنا المسعودي. وأبو النضر، قال: حدثنا المسعودي، المعنى، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خرجت إليكم وقد بينت لي ليلة القدر ومسيح الضلالة، فكان تلاح بين رجلين بسدة المسجد، فأتيتهما لأحجز بينهما، فأنسيتهما، وسأشدو لكم منهما شدوا: أما ليلة القدر، فالتمسوها في العشر الأواخر وترا، وأما مسيح الضلالة، فإنه أعور العين، أجلى الجبهة، عريض [ص:283] النحر، فيه دفأ، كأنه قطن بن عبد العزى " قال: يا رسول الله، هل يضرني شبهه؟ قال: «لا، أنت امرؤ مسلم، وهو امرؤ كافر»
للَيلةِ القدْرِ في شَهرِ رَمضانَ أهمِّيَّةٌ عَظيمةٌ، وفضلٌ كبيرٌ، وقد أُمِرْنا بتَحرِّيها وقِيامِها إيمانًا واحتسابًا للأجْرِ عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ
وفي هذا الحَديثِ يَروي عُبادةُ بنُ الصامتِ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خرَجَ يَومًا ليُخبِرَ الصَّحابةَ رَضيَ اللهُ عنهم بوَقتِ لَيلةِ القدْرِ ويُعيِّنُها لهم، فوجَد رجُلينِ يَتخاصَمانِ ويَتنازَعانِ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنِّي خرَجْتُ لأُخبِرَكم بلَيلةِ القدرِ أيُّ ليلةٍ هي، فوجَدتُ رجُلينِ يَتخاصَمانِ، فرُفِع عِلمُها ومِيقاتُها، فحُرِموا به بَركةَ لَيلةِ القدْرِ، وإلَّا فهي باقيةٌ إلى يومِ القِيامةِ. ثمَّ قال: وعسَى أنْ يكونَ في رفْعِها وإبهامِ تَعيينِها خَيرٌ لكم؛ لتَزيدوا في الاجتهادِ في طَلبِها، فيَحصُلَ لكم زِيادةٌ في ثَوابِكم، ولو كانت مُعيَّنةً لاقتصَرْتُم عليها، فقَلَّ عمَلُكم وثَوابُكم. ثمَّ قال: فالْتمِسوها، أي: اطلُبوها وتَحرَّوها في تِسعٍ وعشرينَ، وسَبعٍ وعشرين، وخمْسٍ وعِشرين مِن رمَضانَ. وقيل: المَعنى: اطلُبوها وتحَرَّوْها في لَيالي الوِترِ مِنَ العَشرِ الأواخِرِ مِن رَمَضانَ، حين يَبْقى منه تِسعٌ، أو سَبْعٌ، أو خمْسُ ليالٍ؛ فتكون هي لَيلةِ الحادي والعِشرينَ، أو لَيلةِ الثالثِ والعِشرينَ، أو لَيلةِ الخامِسِ والعِشرينَ، وهكذا، وذلك باعتِبارِ تَمامِ الشَّهرِ، ونَقصِ التِّسعِ مِنَ الشَّهرِ؛ فالشَّهرُ ثَلاثونَ يَومًا، نَنقُصُ منه تِسعًا. وقيلَ: التاسِعةُ: لَيلةُ اثنَتَيْنِ وعِشرينَ، والسابِعةُ: لَيلةُ أربَعٍ وعِشرينَ، وهكذا، وهذا على تَمامِ الشَّهرِ، وهكذا. وقد قيلَ: إنَّها تَختَلِفُ باختِلافِ الأعوامِ
وفي الحديثِ: ذمُّ المُلاحَاةِ والخُصومةِ، وأنَّهما سَببُ العُقوبةِ للعامَّةِ بذَنْبِ الخاصَّةِ
وفيه: دَلالةٌ على أنَّ الذُّنوبَ قد تكونُ سَببًا لخَفاءِ بَعضِ ما يُحتاجُ إليه في الدِّينِ، فكلَّما أحدَثَ النَّاسُ ذُنوبًا، أوجَبَ ذلك خَفاءَ بَعضِ أُمورِ دِينِهم عليهم