حدثنا عبد الرحمن، حدثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن زياد، قال: سمعت أبا هريرة، يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتي بطعام من غير أهله سأل عنه، فإن قيل: هدية، أكل، وإن قيل: صدقة، قال: «كلوا» ، ولم يأكل
حُرِّم على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنْ يَأكُلَ أو يَأخُذَ شَيئًا مِن الصَّدقاتِ؛ وذلك لأنَّها أوساخُ النَّاسِ يُطهِّرون بها أموالَهم وأنفُسَهم
وفي هذا الحَديثِ يَحكي أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان إذا جاءهُ طَعامٌ مِن خارجِ بَيتِه، سَأَلَ عنه: «أَهَديَّةٌ أمْ صَدَقةٌ؟» فإنْ قيلَ له: صَدَقةٌ، قالَ لأصْحَابِه: كُلُوا، ولَمْ يَأكُلْ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ منه؛ لأنَّ الصَّدَقةَ مُحرَّمةٌ عليه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وإنْ قيلَ له: هَدِيَّةٌ، ضَرَبَ بيَدِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أي: شَرَعَ في الأكلِ مُسرِعًا، فأكَلَ مع أصحابِه. وإنَّما كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَأكُلُ الهديَّة، ولا يَأكُلُ الصَّدقةَ؛ لِمَا في الهديَّةِ مِن تَآلُف القُلوبِ، والدُّعاءِ إلى المحبَّةِ، وجائزٌ أنْ يُثيبَ عليها بمِثلِها وأفضَلَ منها، فتَرتفِعَ المنَّةُ والذِّلَّةُ، ولا يَجوزُ ذلك في الصَّدقةِ، فافترَقَ حُكمُهما؛ لافتراقِ المعْنى فيهما