حدثنا يزيد بن هارون، وروح، قالا: حدثنا هشام بن حسان، قال روح: عن عبيد الله بن دهقان، وقال يزيد: عن عبيد الله بن دهقان، عن أنس بن مالك قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأكل الرجل بشماله، أو يشرب بشماله " قال روح في حديثه: " ويشرب بشماله
لقدْ علَّمَنا نبيُّنا محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الكثيرَ والكثيرَ مِنَ الآدابِ الخاصَّةِ بالطَّعامِ والشَّرابِ، وكَيفيَّةِ الوقايةِ مِن الشَّيطانِ. وفي هذا الحديثِ يَنْهى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَأكُلَ المسلمُ ويَشرَبَ بيَدِه الشِّمالِ؛ وذلك لأنَّ الشَّيطانَ يَأكُلُ ويَشرَبُ بها على الحقيقةِ، وقيل: يَحتمِلُ أنَّه أسْنَدَ إليه ذلك؛ لأنَّه فِعلُ أوليائِه، أو لأنَّه مِن قَبائحِ الأفعالِ؛ لِما فيه مِن مُخالَفةِ السُّنَّةِ. وأخبَرَ عُمرُ بنُ محمَّدِ بنِ زَيدٍ -مِن رُواةِ الحديثِ- أنَّ نافِعًا مَولى ابنِ عُمرَ كان يَزِيدُ في رِوايتِه قوْلَه: «ولا يَأْخُذُ بها ولا يُعْطِي» أي: بشِمالِه، ويَقصِدُ بذلكَ أنَّ مُباشَرةَ الإنسانِ أخْذَه وعَطاءهُ مع الآخَرِين تكونُ باليدِ اليمينِ وليْست الشِّمالَ، وظاهرُ هذا أنَّه مَوقوفٌ على نافعٍ، ويَحتمِلُ أنْ يكونَ مَرفوعًا إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «لِيَأْكُلْ أحَدُكُمْ بيَمِينِه، ولْيَشْرَبْ بيَمِينِه، ولْيَأخُذْ بيَمِينِه، ولْيُعْطِ بيَمِينِه».
فعلى المسْلمِ أنْ يَلتزِمَ هَدْيَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلَّا مِن عُذرٍ يَمنَعُ الأكلَ والشُّربَ باليَمينِ؛ مِن مَرَضٍ، أو جِراحةٍ، أو غيرِ ذلك، وهذا مِن أسبابِ البرَكةِ. وقد كان هدْيُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للمسلِمِ البَداءةُ باليَمينِ في كلِّ شَيءٍ مُستحسَنٍ وفيه خيرٌ، وجَعْلُ اليَسَارِ لكلِّ شَيءٍ مَذمومٍ مُستقذَرٍ.
وفي الحديثِ: النَّهيُ عَنِ التَّشُّبه بِالشَّيطانِ.
وفيه: ثُبوتُ أكْلِ الشَّيطانِ وشُربِه وأنَّ له يَدًا.