حديث أبي موسى الأشعري 32
مستند احمد
حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن أبي عبد الرحمن، عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا أحد أصبر على [ص:293] أذى يسمعه من الله عز وجل؛ إنه يشرك به وهو يرزقهم»
اللهُ سُبحانَه وتعالَى غَفُورٌ رَحِيمٌ، ورَحمتُه سَبَقَتْ غَضَبَه، ومِن حِكمتِه سُبحانَه ورَحمتِه العامَّةِ أنْ رَزَق الكافِرَ في الدُّنيا ونَعَّمه وخَوَّله مُدَّةَ عُمرِه، ومَكَّنَه مِن آمالِه ومَلَاذِّه، مع أنَّه لا يَستحِقُّ بكُفرِه ومُعاندتِه غيرَ أَلِيمِ العذابِ
وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عِظَمَ صَبرِ اللهِ تعالَى وحِلمِه، وأنْ لا أحَدَ -أو لا شَيءَ- (والشَّكُّ مِن أحدِ رُواةِ الحديثِ) أصبَرُ وأحلَمُ وأبعَدُ عن الانتقامِ، وأكثَرُ تأخيرًا عن العقوبةِ على شيءٍ يكرَهُه من قولٍ أو فِعلٍ؛ من اللهِ تعالَى؛ فهو يَسمَعُ كَلامَ مَن يَنسُبون له الولدَ كذِبًا وزُورًا، كالنَّصارى واليهودِ، قال تعالَى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا} [مريم: 88- 92]، ومع سَماعِه وعِلمِه وقُدرتِه، إلَّا أنَّه يَصبِرُ عليهم، بلْ يُعافِيهم في أبْدانِهم وحَياتِهم، ويَرزُقهم مِن فَضلِه ونِعَمِه في الدُّنيا، ويُؤخِّرُ عُقوبةَ مَن لم يَتُبْ منهم إلى الآخِرةِ
وفي الحَديثِ: إثباتُ صِفةِ الصَّبرِ لله عزَّ وجَلَّ، على الوَجهِ الذي يليقُ به سُبحانَه