حدثنا الضحاك بن مخلد، حدثنا عبد الرحمن بن وردان - مديني - قال: دخلنا على أنس بن مالك في رهط من أهل المدينة، قال: صليتم يعني - العصر -؟ قالوا: نعم، قلنا أخبرنا أصلحك الله، متى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي هذه الصلاة؟ قال: " كان يصليها والشمس بيضاء نقية "
مِمَّا حثَّت عليه الشَّريعةُ: الأُلفةُ والمحبَّةُ بيْن المسلِمين؛ لذا جاء النَّهيُ عن كلِّ أسبابِ الفُرقةِ والتَّشاحُنِ في المجتمعِ، وقدْ أخبَرَ اللهُ تعالَى أنَّ المؤمنينَ إخوةٌ في الدِّينِ، والأُخوَّةُ يُنافيها الحِقْدُ والبَغضاءُ، وتَقتضي التَّوادُدَ والتَّناصُرَ وقِيامَ الأُلْفةِ والمَحبَّةِ فيما بيْنهم.
وفي هذا الحديثِ نَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن بعضِ ما يُسبِّبُ العَداوةَ والقطِيعةَ بيْن المسلمينَ؛ لِمَا في تباغُضِهم مِن التَّفرُّقِ، ونَهاهم عن التَّحاسُدِ، وهو تَمنِّي زَوالِ النِّعمِ عنِ الآخَرِين، ونَهاهم عن التَّدابُرِ، وهو أنْ يُوَلِّي المسلِمُ أخاهُ المسلمَ ظَهْرَه ودُبُرَه؛ إمَّا حِسيًّا فلا يُجالِسُه ولا يَنظُرُ إليه، وإمَّا مَعنوِيًّا فلا يُظهِرُ الاهتمامَ به، والمقصودُ: نَهيُهم عن التَّقاطُعِ والتَّهاجُرِ، ثُمَّ بيَّن لهمُ المنزلةَ الَّتِي يَنبغي أنْ يَكونوا عليها، وهي الأُخُوَّةُ، كَأُخُوَّةِ النَّسَبِ في الشَّفَقةِ والرَّحمةِ، والمحبَّةِ والمُواساةِ، والمعاوَنةِ والنَّصيحةِ، فأمرهم أن يَأخُذوا بِأسْبابِ كلِّ ما يُوصِلُهم لِمثْلِ الأُخُوَّةِ الحقيقيَّةِ مع صَفاءِ القلْبِ، والنَّصيحةِ بِكلِّ حالٍ. ونَهاهم عن هَجْرِ المُسلِم وتركِه؛ زيارةً، أو كلامًا، ونحو ذلك مِن أشكالِ الهِجْرانِ، فوقَ ثلاثةِ أيَّام إنْ كان الخلافُ على أمْرِ الدُّنيا.
وفي الحَديثِ: الحِرْصُ على وَحْدَةِ المُسلِمينَ أفْرادًا وجَماعاتٍ وشُعوبًا.
وفيه: وجوبُ التآخي والتعاوُنِ بين المُسلِمين.