مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1210
مسند احمد
حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، حدثنا حسن، عن السدي قال: سألت أنسا: عن الانصراف، فقال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينصرف عن يمينه "
أمَرَ الإسلامُ أتْباعَه بالتَّوسُّطِ في كلِّ الأمورِ، كما أمَرَهم بعَملِ الطَّاعاتِ بقدْرِ استطاعتِهم دونَ تكلُّفٍ أو تشدُّدٍ. وفي هذا الحديثِ "رأيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصلِّي في نَعليهِ ورأيْتُه يُصلِّي حافيًا"، أي: إنَّ الصَّلاةَ تكونُ في النَّعلِ ومِن دُونِه، والنَّعلُ: ما يُلبَسُ مِن حِذاءٍ؛ لِيَقِيَ القدَمَ مِن الأرضِ دونَ أنْ يَستُرَ كامِلَ القدَمِ.
قال: "ورأيْتُه يَشرَبُ قائمًا، ورأيْتُه يشرَبُ قاعدًا"، أي: يَشرَبُ في حالِ وُقوفِه وحالِ جُلوسِه، إشارةً لِمَا اشتَهَر عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه كان يشرَبُ جالسًا،، وقدْ ورَدتْ أحاديثُ أُخرى فيها النَّهيُ عنِ الشُّربِ قائمًا، فقيل: في الجمْعِ بين هذه الأحاديثِ: إنَّ النهيَ محمولٌ على الإرشادِ؛ فالأفضلُ أنْ يَشرَبَ جالسًا، وقد فعَل النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الأمرينِ؛ للدَّلالةِ على أنَّ الأمْرَ في ذلك واسعٌ، وذلك يكون بحَسَب حالِ الإنسان؛ فإذا احتاج أنْ يأكُلَ قائمًا أو أنْ يَشرَبَ قائمًا؛ فلا حرَجَ، وإنْ جلَس فهو الأفضلُ. قال: "ورأيْتُه يَنصرِفُ عن يَمينِه، ورأيْتُه يَنصرِفُ عن يَسارِه"، أي: يَنصرِفُ بعدَ الانتهاءِ مِن الصَّلاةِ في أيِّ الجِهَتينِ دونَ تَخصيصِ الانصرافِ بجِهةٍ واحدةٍ، سواءٌ كان الانفِتالُ للتَّوجُّهِ إلى المأمومينَ أو للانصرافِ مِن المسجدِ بعدَ الفراغِ مِن الصَّلاةِ.
وفي الحديثِ: بيانُ اليُسرِ والوَسطيةِ في أمورِ العِباداتِ والحياة؛ مُراعاةً لأحوالِ الناسِ.