‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1562

مسند احمد

‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1562

حدثنا عفان، حدثنا سعيد بن زيد، قال: حدثني الزبير بن الخريت، عن أبي لبيد، قال: أرسلت الخيل زمن الحجاج، والحكم بن أيوب أمير على البصرة، قال: فأتينا الرهان، فلما جاءت الخيل، قلنا: لو ملنا إلى أنس بن مالك فسألناه، أكنتم تراهنون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأتيناه وهو في قصره في الزاوية، فسألناه، فقلنا: يا أبا حمزة، أكنتم تراهنون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يراهن؟ قال: " نعم والله، لقد راهن رسول الله صلى الله عليه وسلم على فرس له، (1) يقال له: سبحة، (2) فسبق الناس، فانتشى لذلك وأعجبه " (3)

في هذا الحَديثِ: "أصبَحْتُ في الحِجْرِ" وهو: الحائِطُ المُستَديرُ إلى جانِبِ الكعبةِ، "بعدَما صَلَّينا الغَداةَ" وهي صَلاةُ الصُّبحِ، "فلما أسْفَرْنا"، أي: أضاءَ النَّهارُ، "إذا فينا عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما فجَعَلَ يَستَقْرِئُنا"، أي: يَسأَلُنا "رَجُلًا رَجُلًا يقولُ: أين صَلَّيتَ يا فُلانُ؟ قال: يقول: هاهنا" ويُشيرُ الشَّخصُ المَسْؤولُ إلى المَكانِ الذي صلَّى فيه "حتى أَتَى عَلَيَّ، فقال: أين صَلَّيتَ يا ابنَ عُبَيدٍ؟ فقُلتُ: هاهنا، قال: بَخٍ بَخٍ" وهي كَلِمَةٌ تُقالُ عندَ المدحِ والرِّضا بالشَّيءِ، وتُكرَّرُ لِلمُبالغةِ، "ما نعلَمُ صَلاةً أفضَلَ عندَ اللهِ من صَلاةِ الصُّبحِ جَماعَةً يومَ الجُمُعةِ"؛ وذلك لأنَّها أفضَلُ الخَمسِ صَلَواتٍ، ويومُ الجُمُعةِ أفضَلُ الأيامِ، والجَماعَةُ أفضَلُ من الصَّلاةِ فردًا، وهذه أفضلِيَّةٌ مُطلَقةٌ، فتُفيدُ أنَّها أفضَلُ من كُلِّ فريضةٍ، "فسأَلوه فقالوا: يا أبا عبدِ الرحمنِ أكُنتُم تُراهِنون على عَهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟" والمُراهَنَةُ هي المُسابَقَةُ على أنْ يكونَ للفائِزِ جائِزَةٌ معلومَةٌ أو قدْرٌ معلومٌ من المالِ، "قال: نَعَمْ، لقد راهَنَ"، أي: سابَقَ "على فَرَسٍ، يُقالُ له: سُبحَةُ"، أي: اسْمُه سُبحَةُ، من قولِهم: فَرَسٌ سَبَّاحٌ: إذا كان حَسَنَ مَدِّ اليديْنِ في الجَرْيِ، "فجاءَت سابِقَةً"، أي: رابِحَةً للسِّباقِ، سابِقَةً غيرَها من الخَيلِ، وفي روايةِ أحمدَ من حَديثِ أنسٍ رضِيَ اللهُ عنه: "فَبُهِشَ لذلك وأعْجَبَه"، أي: فَرِحَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لرِبحِ فَرَسِه السِّباقَ، فقد رَخَّصَ الشَّرعُ في السِّباقِ في الخَيلِ، والإِبِلِ، ورَمْيِ السِّهامِ، وأخذِ المالِ علَيها؛ لأنَّها عُدَّةُ القِتالِ في سَبيلِ اللهِ تَعالى، وفيها تَرْغيبٌ في الجِهادِ، وليس فيها المُراهَنَةُ على الأُمورِ المُحرَّمةِ.

 وفي الحديثِ: بيانُ فَضيلةِ صَلاةِ الفَجرِ جَماعَةً صَباحَ يومِ الجُمُعةِ.