مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه689
مسند احمد
حدثنا ابن نمير، حدثنا إسماعيل بن عمر، عن نفيع قال: سمعت أنس بن مالك، يقول: قيل: يا رسول الله، كيف يحشر الناس على وجوههم؟ قال: " إن الذي أمشاهم على أرجلهم، قادر على أن يمشيهم على وجوههم "
اللهُ سُبحانَه وتَعالَى قادِرٌ على كُلِّ شَيءٍ؛ فإنَّما أمْرُه أنْ يَقولَ لِلشَّيءِ: كُنْ، فيَكونُ، وقَدْ جَعَلَ سُبحانَه وتَعالَى في الدُّنيا سُننًا ثابتَةً، وَفي الآخِرَةِ تَتغيَّرُ تلك السُّننُ؛ فقُدْرةُ اللهِ أوسَعُ مِن أنْ يُحيطَها عَقلُ البَشرِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ أنسُ بنُ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه: "قِيل: يا رسولَ اللهِ، كيف يُحشَرُ الناسُ على وُجوهِهم؟!" وفي رِوايةِ الصَّحيحينِ: "كيف يُحشَرُ الكافرُ على وَجْهِه؟!" وهذا تَعجُّبٌ مِن أنَّ الناسَ يُبعَثون يومَ القِيامةِ يُزْحَفون على وُجوهِهم، أو يُجَرُّون على وُجوهِهم، وكيف يَتحرَّكون، أو كيف يُعذَّبون بهذه الطَّريقةِ، مع أنَّ الوجْهَ هو أشرَفُ ما بِهم مِنَ الأعضاءِ، وأَلَمُه أَشدُّ مِن أَلمِ غَيرِه؟! فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إنَّ الذي أمْشاهُم على أرْجُلِهم قادرٌ على أنْ يُمشِيَهم على وُجوهِهم"، فيَخلُق فيهم القُدْرةَ على الحركةِ على وُجوهِهم، كما قال سُبحانه: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [النور: 45]. وهذا صِنفٌ مِن الناسِ يُحشَرُ على هذه الصِّفةِ، وعندَ التِّرمذيِّ مِن حديثِ أبي هُريرةَ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "إنَّكم مَحْشُورون رِجالًا ورُكبانًا، وتُجَرُّون على وُجوهِكم"، وفي هذا إشارةٌ إلى أنْ يُحسِنَ الإنسانُ العَملَ؛ حتَّى يأْتيَ المرْءُ على أفْضلِ حالٍ عِندَ اللهِ تعالى.
وفي الحديثِ: بَيانُ تَفاضُلِ النَّاسِ عِندَ اللهِ تعالى وفي مَوقِفِ القِيامةِ بحسَبِ أعْمالِهم.