حدثنا أبو عامر، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الموالي، حدثني عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري، قال أخبر (1) أبو سعيد بجنازة، فعاد (2) تخلف حتى إذا (3) أخذ الناس مجالسهم، جاء (4) فلما رآه القوم تشذبوا عنه (5) ، فقام بعضهم ليجلس في مجلسه، فقال: لا إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " إن خير المجالس أوسعها، ثم تنحى وجلس (6) في مجلس واسع " (7)
المجالِسُ إذا كانتْ واسِعةً حملَتْ أُناسًا كَثيرينَ، وصارَ فيها انشِراحٌ وسَعةُ صَدرٍ، وفي هذا الحديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "خَيرُ المجالسِ أوْسعُها"، أي: أفْضلُ مَجلسٍ للنَّاسِ ما كانَ واسِعًا يَستوعِبُ الجالِسينَ، وهذا كلامٌ عامٌّ يَشملُ كلَّ أنواعِ المجالسِ، سواءٌ كانتْ في البُيوتِ أو الأماكنِ المعدَّةِ لاجتِماعِ العامَّة، وهذا إرْشادٌ مِن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم لتَوسِعة المجالسِ وعدمِ تَضيِيقِها؛ حتَّى يَتعارَفَ الناسُ ويَتواصَلوا فيما بينهم، وحتى لا يُضيِّقوا ويَشقُّوا على أنفُسِهم؛ ففي السَّعةِ ما يُعطي الرَّاحةَ للناسِ فلا يَتزاحَمونَ ولا يُضايِقُ بعضُهم بعضًا، وفي السَّعةِ أجواءٌ طيِّبةٌ للنِّقاشِ والحوارِ والتواصل، بعكس المجالس الضيقة.
وهذا كلُّه لمنْ يمكِن لَه التَّوسعةُ على الجالِسينَ، أمَّا مَن كانَ بيتُه ضيِّقًا ولا يملِكُ التَّوسعةَ فلا حرَجَ.