مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه99
مسند احمد
حدثنا ابن أبي عدي، عن حميد، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: الله الله "
في آخِرِ الزَّمانِ تَتغيَّرُ الأمورُ، ويَنتشِرُ الفُسَّاقُ والعُصاةُ، وعند ذلك يَأذَنُ اللهُ عزَّ وجلَّ بقيامِ السَّاعةِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه لا تَقومُ السَّاعةُ على أحدٍ يَقولُ: «اللهُ، اللهُ»، أي: تَقومُ على خَلقٍ لا يَذكُرُون اسمَ اللهِ، وهذا كِنايةٌ عن أنَّها تَقومُ على قَومٍ لا يَعبُدون اللهَ سُبحانَه، فتَقومُ على شِرارِ الخَلقِ.
وذلك أنَّ اللهَ سُبحانَه يَقبِضُ أرواحَ المؤمِنين، كما في صَحيحِ مُسلِمٍ من حَديثِ عمرِو بنِ العاصِ رَضيَ اللهُ عنه: «ثُمَّ يَبعَثُ اللهُ رِيحًا كرِيحِ المِسكِ، مَسُّها مَسُّ الحَريرِ، فلا تَترُكُ نفْسًا في قلبِه مِثقالُ حَبَّةٍ منَ الإيمانِ إلَّا قبَضَتْه، ثُمَّ يَبْقى شِرارُ النَّاسِ، عليهم تَقومُ السَّاعةُ».
وهذا لا يُعارِضُ ما ثَبَتَ في مُسلِمٍ من حديثِ جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: «لا تَزالُ طائفةٌ من أمَّتِي، يُقاتِلون على الحقِّ، ظاهِرِين إلى يومِ القيامةِ»؛ لأنَّ مَعنى هذا الحديثِ أنَّهم لا يَزالُون على الحقِّ حتَّى تَقبِضَهم هذه الرِّيحُ اللَّينةُ قُربَ القيامةِ وعندَ تَظاهُرِ أشراطِها، فأطلَقَ في هذا الحديثِ بَقاءَهم إلى قيامِ السَّاعةِ على أشراطِها ودُنوِّها المُتناهي في القُربِ.
وفي الحديثِ: عَلَمٌ من أعلامِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: بيانُ فضلِ المؤمِنين، حيثُ إنَّ اللهَ سُبحانَه وتعالى أكرَمَهم، ولم يُهِنهم بإقامةِ السَّاعةِ عليهم وهُم أحياءٌ.
وفيه: بيانُ فضلِ ذِكرِ اللهِ تَعالَى، حيثُ لا تَقومُ السَّاعةُ وفي الأرضِ مَن يَذكُرُ اللهَ تَعالَى..