مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 354
مسند احمد
حدثنا محمد بن بشر، حدثنا محمد بن عمرو، حدثني يزيد بن عبد الله بن أسامة الليثي، ويحيى بن سعيد، عن معاذ بن رفاعة الزرقي، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لهذا العبد الصالح الذي تحرك له العرش، وفتحت له أبواب السماء، شدد عليه، ففرج الله عنه» ، وقال مرة: «فتحت» ، وقال مرة: «ثم فرج الله عنه» ، وقال مرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد يوم مات وهو يدفن
كان لسَعدِ بنِ مُعاذٍ رَضِي اللهُ عَنه مَزيدُ فَضْلٍ في الإسلامِ عُرِفَ ومُيِّزَ به، ومع ذلك ضُمَّ في قَبرِه
وفي هذا الحديثِ بَيانٌ لذلك ولبعضِ فَضائلِه، حيث يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "هذا الَّذي"، أي: سعدُ بنُ مُعاذٍ رَضِي اللهُ عَنه، "تحرَّكَ له العرشُ"، والمراد به عرش الرحمن جل جلاله، كما في رِوايةٍ أخرى: "اهتَزَّ عرشُ الرَّحمنِ لموتِ سَعدِ بنِ مُعاذٍ"، وهو اهتزازٌ معلومُ الحُدوثِ، ولكنَّه مجهولُ الكيفيَّةِ، وكان البراءُ بنُ عازبٍ وعبدُ اللهِ بنُ عُمرَ قد فسَّرَا العَرشَ بأنَّه السَّريرُ الَّذي حُمِلَ عليه سَعدُ بنُ مُعاذٍ، ولكِنَّ الثابتَ في الرِّواياتِ الصَّحيحةِ أنَّه عرشُ الرَّحمنِ
"وفُتِحَتْ له أبوابُ السَّماءِ"، أي: فرَحًا بقُدومِ سَعدٍ وصُعودِ رُوحِه، "وشهِدَه"، أي: في تَشييعِ جِنازتِه، "سبعونَ ألفًا مِن الملائكةِ"، ومع كلِّ هذا الفَضْلِ لسَعْدٍ رَضِي اللهُ عَنه، ومع ذلك قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "لقد ضُمَّ ضمَّةً"، أي: ضُغِط عليه قَبْرُه، وفي روايةٍ: "اختلَفَتْ منها أضلاعُه"، وهذا بيانٌ لعَظيمِ شِدَّتِها عليه، "ثمَّ فُرِّجَ عنه"، أي: ثمَّ فرَّجها اللهُ عنه ووسَّع عليه
وهذه الضَّمَّةُ والضغطة ليستْ مُختصَّةً بسَعْدِ بنِ مُعاذٍ دونَ غيرِه، كما أخرَج ابنُ حِبَّانَ وغيرُه أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "للقَبرِ ضَغْطةٌ لو نَجا منها أحدٌ لنَجا منها سَعدُ بنُ مُعاذٍ"؛ فهي للصَّالحِ والطَّالحِ، ولكِنِ الفرقُ دوامُها للكافرِ، وما مِن أحَدٍ إلَّا وقد أَلَمَّ بذَنْبٍ ما، فتُدرِكُه هذه الضَّغطةُ جزاءً له، ثمَّ تُدرِكُ الرَّحمةُ مَن شاءَ اللهُ تعالى مِن عِبادِه المُؤمنِينَ
وفي الحديثِ: فَضلٌ ومنقَبةٌ لسَعْدِ بنِ مُعاذٍ