مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 805

مسند احمد

مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 805

حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني معاذ بن رفاعة، عن محمود بن عبد الرحمن بن عمرو بن الجموح، عن جابر بن عبد الله، قال: لما دفن سعد، ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبح الناس معه طويلا، ثم كبر فكبر الناس، ثم قالوا: يا رسول الله مم سبحت؟ قال: «لقد تضايق على هذا الرجل الصالح قبره حتى فرجه الله عنه»

كانَ لِسَعدِ بنِ مُعاذٍ رَضيَ اللهُ عنه مَزيدُ فَضلٍ في الإسلامِ عُرِفَ ومُيِّزَ به

وفي هذا الحَديثِ بيانٌ لبعضِ فَضائلِه، حيثُ يَحكي جابِرُ بنُ عَبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما، أنَّه: "لَمَّا دُفِنَ سَعدٌ ونحن مع رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ" وهو سَعدُ بنُ مُعاذٍ الأنصاريُّ، وكانَ رَضيَ اللهُ عنه قد أُصيبَ يَومَ غَزوةِ الخَندَقِ في أكحَلِه فنَزَفَ حتى ماتَ؛ "سَبَّحَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ "، جَعَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقولُ: (سُبحانَ اللهِ) بَعدَ دَفنِه لِمُعاذٍ، "فسَبَّحَ الناسُ معه طَويلًا" اقتِداءً به وبتَسبيحِه، "ثم كَبَّرَ" قالَ: (اللهُ أكبَرُ)، "فكَبَّرَ الناسُ، ثم قالوا: يا رَسولَ اللهِ، مِمَّ سَبَّحتَ؟" وهذا استِفهامٌ عن سَبَبِ تَسبيحِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ "قالَ: لقد تَضايَقَ على هذا الرَّجُلِ الصَّالِحِ قَبرُه" ضَغَطَ عليه قَبرُه، وفي رِوايةٍ: "اختَلَفتْ منها أضلاعُه"، وهذا بَيانٌ لِعَظيمِ شِدَّةِ ضَغطةِ القَبرِ عليه "حتى فَرَّجَه اللهُ عنه" ثم فَرَّجَه اللهُ عنه ووَسَّعَ عليه قَبرَه، ولذلك كانَ التَّكبيرُ فَرَحًا بالتَّفريجِ عنه. وممَّا قيلَ في سَبَبِ تلك الضَّمَّةِ: أنَّها غَيرُ مُختَصَّةٍ بسَعدِ بنِ مُعاذٍ دونَ غَيرِه، بل هي لِلصَّالِحِ والطَّالِحِ، ولكِنَّ الفَرقَ دَوامُها لِلكافِرِ، وقيلَ: وما مِن أحَدٍ إلَّا وقد ألَمَّ بذَنبٍ ما، فتُدرِكُه هذه الضَّغطةُ جَزاءً له، ثم تُدرِكُه الرَّحمةُ. وقد بَيَّنتْ ذلك رِوايةُ عائِشةَ رَضيَ اللهُ عنها عِندَ أحمَدَ: "إنَّ لِلقَبرِ ضَغطةً، لو كانَ أحَدٌ ناجيًا منها نَجا سَعدُ بنُ مُعاذٍ" وليس هذا الضَّغطُ مِن عَذابِ القَبرِ في شَيءٍ، بل هو مِن رَوْعاتِ المُؤمِنِ، كنَزعِ رُوحِه، وكألَمِه مِن بُكاءِ حَميمِه عليه، وكرَوعَتِه مِن هُجومِ مَلَكَيِ الِامتِحانِ عليه، وكذلك هو أمْرٌ يَجِدُه كما يَجِدُ ألَمَ فَقدِ وَلَدِه وحَميمِه في الدُّنيا، وكما يَجِدُ مِن ألَمِ مَرَضِه ونَحوِ ذلك، والعَبدُ التَّقيُّ يَرفُقُ اللهُ به في بَعضِ ذلك، أو كُلِّه، ولا راحةَ لِلمُؤمِنِ دونَ لِقاءِ رَبِّه، نَسألُ اللهَ أنْ يُؤمِّنَ رَوْعاتِنا

وفي الحَديثِ: فَضلٌ ومَنقَبةٌ لِسَعدِ بنِ مُعاذٍ

وفيه: حُسنُ اتِّباعِ الصَّحابةِ رَضيَ اللهُ عنهم لِفِعلِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأقوالِه

 وفيه: تَخويفُ أهلِ الإيمانِ مِن أهوالِ القَبرِ