مسند عبد الرحمن بن عوف الزهري رضي الله عنه 12
حدثنا أبو سلمة يوسف بن يعقوب الماجشون، عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن جده عبد الرحمن بن عوف، أنه قال: إني لواقف يوم بدر في الصف، نظرت عن يميني وعن شمالي، فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما، تمنيت لو كنت بين أضلع منهما، فغمزني أحدهما، فقال: يا عم هل تعرف أبا جهل؟ قال: قلت: نعم، وما حاجتك يا ابن أخي؟ قال: بلغني أنه سب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي نفسي بيده لو رأيته لم يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا، قال: فغمزني الآخر فقال لي مثلها، قال: فتعجبت لذلك، قال: فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس، فقلت لهما: ألا تريان هذا صاحبكما الذي تسألان عنه، فابتدراه فاستقبلهما، فضرباه حتى قتلاه ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبراه فقال: " أيكما قتله؟ " فقال كل واحد منهما: أنا قتلته، قال: " هل مسحتما سيفيكما؟ " قالا: لا، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم، في السيفين فقال: " كلاكما قتله " وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح، وهما معاذ بن عمرو بن الجموح، ومعاذ ابن عفراء
قَوْلُهُ لَوْ كُنْتُ بَيْنَ أَضْلَعَ مِنْهُمَا : - بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالْعَيْنِ - ; أَيْ : أَقْوَى ، وَاسْمُ التَّفْضِيلِ إِذَا اسْتُعْمِلَ بِمَنْ يَكُونُ مُفْرَدًا لَفْظًا ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْمُتَعَدِّدُ ، فَلَا يُرَدُّ أَنَّهُ كَيْفَ دَخَلَ عَلَيْهِ "بَيْنَ" مَعَ أَنَّهُ لَا يُضَافُ إِلَّا إِلَى مُتَعَدِّدٍ ؟
سَوَادِي سَوَادَهُ : أَيْ : شَخْصِي شَخْصَهُ .
الْأَعْجَلُ : الْأَقْرَبُ أَجَلًا .
فَلَمْ أَنْشَبْ : أَيْ : فَلَمْ أَلْبَثْ كَثِيرًا إِلَى أَنْ نَظَرْتُ .
يَزُولُ " : - بِالزَّايِ وَالْوَاوِ - ; أَيْ : يَتَحَرَّكُ وَيَنْتَقِلُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ .
فَابْتَدَرَاهُ : أَيِ : اسْتَقْبَلَاهُ .
وَقَضَى بِسَلَبِهِ : أَيْ : لِأَنَّهُ أَثْخَنَهُ أَوَّلًا ، فَاسْتَحَقَّ السَّلَبَ ، وَمَعْنَى :
كِلَاكُمَا قَتَلَهُ : أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ ، وَأَمَّا الْإِثْخَانُ وَإِخْرَاجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُمْتَنِعًا ، فَإِنَّمَا وُجِدَ مِنْ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ .