مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم 116
حدثنا يحيى، عن هشام، حدثنا قتادة، عن موسى بن سلمة، قال: قلت لابن عباس: إذا لم تدرك الصلاة في المسجد، كم تصلي بالبطحاء؟ قال: " ركعتين، تلك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم "
التَّيسيرُ والتَّخفيفُ مِن مَحاسِنِ الشَّريعَةِ الإسلاميَّةِ السَّمْحةِ؛ حيثُ جعَلَ اللهُ تَعالى فيها الرُّخَصَ للمُسلِمينَ؛ حتَّى لا يَقَعوا في مشَقَّةٍ تَضُرُّهم، أو تُكلِّفُهم ما لا يُطيقُونَ، ومِن هذه الرُّخَصِ قَصْرُ الصَّلاةِ في السَّفَرِ
وفي هذا الحَديثِ يقولُ مُوسى بنُ سلَمةَ الهُذليُّ: "كنَّا مع ابنِ عبَّاسٍ بمكَّةَ"، أي: مُسافرينَ، "فقلْتُ: إنَّا إذا كنَّا معكم" في الصلاةِ، والإمامُ رجُلٌ مُقيمٌ في مكَّةَ، "صلَّينا أربعًا"، أي: أتْمَمْنا الصلاةَ في الجماعةِ خلْفَ الإمامِ، "وإذا رَجَعْنا إلى رِحالِنا"، وهي الخيامُ ومكانُ إقامتِهم في سَفرِهم، فإذا صَلَّوا مُنفرِدينَ أو في جماعةٍ مُسافِرينَ "صلَّينا ركعتينِ؟" وهذا السُّؤالُ لمعرفةِ السَّببِ في التَّفرقةِ بيْن الصَّلاتينِ، فقال ابنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: "تلك سُنَّةُ أبي القاسمِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، أي: هذه سُنَّتُه في صلاةِ المسافرِ خلْفَ الإمامِ المُقيمِ، وصلاةِ المسافرِ مُنفرِدًا، أو مع مُسافِرينَ مِثلِه. فرُخْصةُ القصْرِ تكونُ للمسافِرِ إذا صلَّى مُنفرِدًا، أو مع مسافرٍ مِثلِه.
وهذا يُبيِّنُ حِرصَ الصَّحابةِ رضِيَ اللهُ عنهم على الاقتِداءِ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في كلِّ شَيءٍ، ويُبيِّنُ سُنَّتَه في التَّيسيرِ في أوقاتِ الضَّرورةِ والشِّدَّةِ، مِثلُ قَصْرِ الصلاةِ الرُّباعيةِ في السَّفرِ، وفي اتِّباعِ سُنَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الهِدايَةُ والرَّشادُ