مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 390
حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني الزهري، عن طاوس اليماني، قال: قلت لعبد الله بن عباس: يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اغتسلوا يوم الجمعة، واغسلوا رءوسكم، وإن لم تكونوا جنبا، ومسوا من الطيب " قال: فقال ابن عباس: " أما الطيب فلا أدري وأما الغسل، فنعم "
الإسلام دين النظافة والجمال، وقد حث على ذلك ورغب فيه، وفي هذا الحديث يذكر لنا طاوس بن كيسان -وهو من التابعين- أنه أخبر عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن ناسا يروون عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا؛ هو: «اغتسلوا يوم الجمعة، واغسلوا رؤوسكم، وإن لم تكونوا جنبا، وأصيبوا من الطيب»، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: أما الغسل فنعم، وأما الطيب فلا أدري. ومعلوم أن من اغتسل فقد غسل رأسه، فقوله: «واغسلوا رؤوسكم» تأكيد لـقوله: «اغتسلوا» من عطف الخاص على العام؛ لينبه على أن المطلوب الغسل التام؛ لئلا يتوهم أن إفاضة الماء على البدن دون إفاضته على الشعر وإيصاله إلى ما تحته مثلا تجزئ في غسل الجمعة، وقوله: «وإن لم تكونوا جنبا» تأكيد أن الأمر بالاغتسال يوم الجمعة ليس مقصورا على الجنب، وقول ابن عباس رضي الله عنهما: «أما الغسل فنعم، وأما الطيب فلا أدري» معناه: أن الغسل قد سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما الطيب فلم أسمعه منه، وعدم سماع ابن عباس رضي الله عنهما لمس الطيب يوم الجمعة لا ينفي كون النبي صلى الله عليه وسلم قاله؛ فقد حدث ابن عباس رضي الله عنهما بما سمع، وقد سمعه غيره؛ ففي صحيح البخاري من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قول النبي صلى الله عليه وسلم عن آداب الجمعة: «وأن يمس طيبا إن وجد».
وفي الحديث: حرمة الفتوى بغير علم؛ فهذا ابن عباس رضي الله عنهما -على قدره وموقعه بين الصحابة- قال: لا أدري، فلا يستعظمن أحد أن يقول لما لا يعلم: لا أعلم
وفيه: الحث على الغسل يوم الجمعة
وفيه: الحث على مس الطيب يوم الجمعة