مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 766
حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا الثوري، عن إسماعيل هو أبو إسرائيل الملائي، عن فضيل يعني ابن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تعجلوا إلى الحج - يعني: الفريضة - فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له " (1)
في هذا الحديثِ يَقولُ طاوسٌ: "قلنا"، أي: سألْنا ابنَ عبَّاسٍ رضِي اللهُ عنهما في "الإقْعَاءِ على القَدَمينِ"، وهي هيئةُ جُلوسٍ في الصَّلاةِ، فقال: "هي السُّنَّةُ"، قال: فقُلنَا لابنِ عبَّاسٍ: "إنَّا لَنَرَاه جَفاءٌ بالرَّجُلِ"، أي: لا يَليقُ بالإنسانِ أن يَفعَلَ هكذا، والجَفاءُ غِلَظُ الطَّبعِ وتَرْكُ الصِّلةِ والبِرِّ، وتُروَى لفظة (بالرجل) بكسر الرَّاء (بالرِّجْل)، أي: بالقَدَمِ
فقال له ابنُ عبَّاسٍ: سُنَّةُ نبيِّك صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
هذا، وقدْ وردتْ أحاديثُ في النَّهي عنِ الإِقعاءِ، وفي هذا الحديثِ يُقرِّرُ ابنُ عَبَّاسٍ أنَّه سُنَّةٌ، فجَمَعَ العُلماءُ بينَ هذه الأحاديثِ بأنَّ الإِقْعَاءَ نوعان:
النَّوعُ الأوَّلُ: أن يَلصِقَ أَليتَيْهِ بالأرضِ ويَنْصِبَ ساقَيْهِ- أي: يقوم على رُكْبَتَيه- ويَضَعَ يديهِ على الأرضِ كإِقْعاءِ الكلبِ.
والنَّوعُ الثَّاني: يَجعلُ أليتَيْهِ على عَقِبَيْهِ بين السَّجدتين، وهذا مُرادُ ابنِ عبَّاسٍ رضِي اللهُ عنهما بقَولِه: "سُنَّةُ نبيِّكم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، والمعنى على ذلك أنَّ الجِلسةَ المذكورَةَ في السُّؤالِ ليستْ هي الإِقعَاءَ المنهِيَّ عنه
قالوا: ويُحتَمَل أنْ يكونَ الإقعاءُ المنهيُّ عنه واردًا في الجُلوس للتشهُّدِ الأخيرِ، والإقعاءُ الذي قال ابنُ عبَّاس عنه إنَّه السُّنَّةُ ورادٌ في الجُلوسِ بَينَ السَّجدتينِ؛ فلا منافاةَ بينهما