مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 771
حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: " كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر بن الخطاب، طلاق الثلاث: واحدة " فقال عمر: " إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت (2) لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم. فأمضاه عليهم " (3)
جعل الله عز وجل في الطلاق فسحة للزوجين إذا استحالت الحياة بينهما، والطلاق في الإسلام له ضوابط ويترتب عليه حقوق
وفي هذا الحديث يروي عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن الطلاق كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وسنتين من خلافة عمر، أن من طلق امرأته ثلاثا في مجلس واحد، أو زمن واحد يقع طلقة واحدة، مثل أن يقول: أنت طالق ثلاثا، أو يقول: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، فيحق للزوج أن يراجع زوجته في مدة العدة دون عقد جديد، فإن انتهت العدة، رجعت إليه بعقد جديد، ولم يقع ثلاث طلقات تحرم بها امرأته عليه حتى تنكح زوجا آخر، وكان هذا محمولا على الغالب الذي هو إرادة التأكيد، وليس استئناف العدد، فلما كان في زمن عمر رضي الله عنه، وكثر استعمال الناس هذه الصيغة، وغلب منهم إرادة الاستئناف لا التأكيد؛ جعله عمر رضي الله عنه ثلاث تطليقات، وقال: «إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة»، أي: كان لهم الطلاق ثلاثا من أجل أن يعطوا لأنفسهم وقتا يقدرون فيه على مراجعة أمورهم؛ فربما ظهر لهم إرجاع زوجاتهم، وقوله: «فلو أمضيناه عليهم»، يعني: أنه شاور من معه من الصحابة رضوان الله عليهم في أن ينفذ على من وقع منه الطلاق ثلاثا في مرة واحدة، فيجعله طلاقا بائنا ثلاثا كما نطق به؛ زجرا لهم عن الاستعجال في الطلاق، فأنفذه على الناس بعد استشارة كبار الصحابة وموافقتهم له
وهذا محمول منه رضي الله عنه على الاجتهاد ووضع الضوابط التي تعود بالمصلحة على رعيته فيما يسمح به الشرع، لا تشديدا ولا تسهيلا