‌‌مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما160

مسند احمد

‌‌مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما160

حدثنا يحيى، حدثنا حسين، حدثنا عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي حافيا وناعلا، ويصوم في السفر ويفطر، ويشرب قائما وقاعدا، وينصرف عن يمينه وعن شماله "

لقدْ أمَرَ الإسلامُ أتْباعَه بالتَّوسُّطِ في كُلِّ الأُمورِ، كما أمَرَهم بعَملِ الطَّاعاتِ بقَدْرِ استطاعتِهم دونَ تكلُّفٍ أو تَشدُّدٍ. وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عِمرانُ بنُ حُصينٍ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَمْشي حافيًا وناعلًا"، أي: لابِسًا للنَّعلِ، وهو حِذاءٌ يُلبَسُ في القدَمِ؛ لِيَقِيَها عندَ المشْيِ، والمُرادُ: إظهارُ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مشَى في الحالتَينِ، وإنْ كان الأصْلُ المشْيَ مُتنعِّلًا، "ويَشرَبُ قائمًا وقاعدًا"، أي: يَشرَبُ في حالِ وُقوفِه وحالِ جُلوسِه، إشارةً لِمَا اشتَهَرَ عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه كان يَشرَبُ جالسًا، وقدْ ورَدتْ أحاديثُ أُخرى فيها النَّهيُ عنِ الشُّربِ قائمًا، فقيل: في الجمْعِ بين هذه الأحاديثِ: إنَّ النهيَ محمولٌ على الإرشادِ؛ فالأفضلُ أنْ يَشرَبَ جالسًا، وقد فعَل النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الأمرينِ؛ للدَّلالةِ على أنَّ الأمْرَ في ذلك واسعٌ، وذلك يكون بحَسَب حالِ الإنسان؛ فإذا احتاج أنْ يأكُلَ قائمًا أو أنْ يَشرَبَ قائمًا؛ فلا حرَجَ، وإنْ جلَس فهو الأفضلُ. "ويَنفتِلُ"، أي: يَنصرِفُ بعدَ الانتِهاءِ مِن الصَّلاةِ، "عن يَمينِه وعن يَسارِه"، أي: انصَرَفَ في أيِّ الجِهَتينِ دونَ تَخصيصِ الانصرافِ بجِهةٍ واحدةٍ، سواءٌ كان الانفِتالُ للتَّوجُّهِ إلى المأمومينَ أو للانصرافِ مِن المسجدِ بعدَ الفراغِ مِن الصَّلاةِ، "ويصومُ في السَّفرِ ويُفطِرُ"، أي: يصومُ أحيانًا، ويأخُذُ برُخصةِ الفِطْرِ أحيانًا.

 وفي الحديث: بيانُ يُسرِ الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ ووسطيَّتِها في أمورِ العباداتِ والحياةِ، ومراعاتها لأحوالِ النَّاسِ.