‌‌مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما282

مسند احمد

‌‌مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما282

حدثنا وكيع، حدثنا أسامة بن زيد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم وجد تحت جنبه تمرة من (1) الليل، فأكلها، فلم ينم تلك الليلة، فقال بعض نسائه: يا رسول الله، أرقت البارحة؟ قال (2) : " إني وجدت تحت جنبي تمرة، فأكلتها، وكان عندنا تمر من تمر الصدقة، فخشيت أن تكون منه "

لم يُحِلَّ اللهُ سُبحانَه وتعالَى لِنبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ولا لِأهلِ بَيتِه أنْ يَأخُذوا مِنَ الصَّدقاتِ شيئًا ولو قليلًا أو حَقيرًا.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَرَّ في الطَّريقِ ذاتَ مرَّةٍ، فرَأى تَمرةً ساقطةً ولا يَعلَمُ مَصدَرَها ولا ممَّن سَقَطَت، فأخْبَرَ أنَّه لَولا يَخافُ أنْ تَكونَ هذه التَّمرةُ السَّاقطةُ مِن تَمْرِ الصَّدقةِ لَأكَلَها، فتَرَكَها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ تَنزُّهًا لأجْلِ هذه الشُّبْهةِ.
وفي رِوايةٍ: قال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أجِدُ تَمْرةً ساقِطةً علَى فِراشِي» في بَيتي، فلا آكُلُها مَخافةَ أنْ تكونَ مِن تمْرِ الصَّدقةِ؛ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يُوزِّعُ تمْرَ الصَّدقاتِ، فربَّما تَعلَّقَت بثَوبِه تَمرةٌ، فتَسقُطُ على فِراشِه، أو ربَّما كان يَجمَعُ في بَيتِه بَعضَ تَمْرِ الصَّدقاتِ ليُوزِّعَها، فيَخافُ أنْ تكونَ تللك التَّمْرةُ منه، فيَتورَّعُ عن أكْلِها، إلَّا إذا تَبيَّنَ له أنَّها ليست مِن الصَّدَقاتِ وإنَّما مِن تَمْرِ أهْلِه فيَأكُلُها.
وفي الحديثِ: بَيانٌ لمعنًى مِن مَعاني الوَرَعِ وترْكِ الشُّبهاتِ.
وفيه: مَشروعيَّةُ أكْلِ ما يُوجَدُ مِن المُحقَّراتِ مُلقًى في الطُّرقاتِ؛ لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذَكَرَ أنَّه لم يَمتنِعْ مِن أكْلِها إلَّا تَورُّعًا؛ لخَشيةِ أنْ تكونَ مِن الصَّدقةِ.
وفيه: بَيانُ أنَّ أموالَ المسلمينَ لا يَحرُمُ منها إلَّا ما له قِيمةٌ، ويُتشاحُّ في مِثلِه.